الكتب
علمانيون- ام ملحدون - حقيقة العلمانية والصراع بين الاسلاميين والعلمانيين
الإلحاد مشكلة نفسية
الإلحاد أسباب هذه الظاهرة وطرق علاجها
إنجازات المسلمين في العصر الحديث
رحلتي من الشك إلى الإيمان
فتاة الشك
إتحاف العباد بهوان الإلحاد
الإلحاد تعدد الأشكال وبراهين الإبطال
تحذير العباد من خطر الإلحاد
حجج كلام الكونية
الحق.. هدية لكل باحث عن الحق
الخلاصة في الأديان والفرق والمذاهب الإلحادية والجماعات الإسلامية
الغنى والإلحاد: هل هناك علاقة ارتباط
الجانب الإلهي من التفكير الإسلامي
سباق نحو الله
الشيطان يحكم
كواشف زيوف، في المذاهب الفكرية المعاصرة
الله والعالم والإنسان في الفكر الإسلامي
عيادة الملحدين
البيان والإشهار لكشف زيغ الملحد
الألحاد وسائلة وخطره وسبل مواجهته
تحذير العباد من خطورة الإلحاد
كتيب سؤال الحضارة
الإلحاد اسبابه وطرق علاجه
تأملات في البواعث النفسية للألحاد
حتى الملائكة تسأل
حدود الإلحاد. أو لماذا يجب أن يكون المشككون خارجين عن القانون؟
حوار ساخن عن الإلحاد
سراب بقيعة - الإلحاد
المساواة بين المرأة والرجل
جدلية الحجاب حوار عقلي في فرض الحجاب وإنكاره
سلسلة في التربية والبناء _ الإنسانية والإلحاد _ قرأت لك
الفكر الماركسي في ميزان الإسلام
الله والإنسان في الفكر العربي والإسلامي
الله والنفس البشرية
المرئيات
ملحد يحكي قصته مع الملحدين
سبب انتشار الإلحاد!
الإلحاد الجديد
فهم الإلحاد الجديد
لماذا أكثر علماء الطبيعة ملاحدة
إبادة بني قريظة الحقيقة المُغيَّبة!
كيف تؤثر الألعاب الإلكترونية على عقول أبنائنا؟
كيف تؤثر السينما على سلوكياتنا وأفكارنا؟
الأنمي الياباني.. براءة محلاة بالسم
حرية الغرب المغلفة بالعنصرية
كيف يحرف الحداثيون مقاصد الشريعة؟
الدواءُ على الطريقةِ الوثنيةِ
القناع الزائف والوجه القبيح
ما هي حقيقة العلاج بالطاقة؟
جناية الرأسمالية والفيمينيزم على الأمومة والأسرة
كيف أفسد تعدد العلاقات المحرمة فطرة المجتمع الغربي؟
كيف يتحول الأخيار إلى أشرار ؟
مجتمعات بلا إلحاد
الحجاب والنسوية المعاصرة
الحجاب ، من الغطاء الجنسي إلى الغطاء الفكري
ما وراء الحجاب… غطاء للرأس أم فلسفة كاملة؟
الحجاب قبل الإسلام
لماذا لا يمتلك الإنسان حريته على جسده؟
بين الطفولة والشباب كيف نتعامل مع دين المراهقين ؟
كيف تُفقد أبناءك إيمانهم دون أن تدري؟!
هل الإلحاد خيار عقلاني حقا؟! أم له أسباب نفسية؟
ما هي وسائل الوقاية من الإلحاد؟
ما هي وسائل مواجهة الإلحاد؟
حقيقة الصداقة بين الرجل والمرأة
الفصل بين الجنسين في التعليم
الحجاب للمرأة – حماية لها – حماية منها !!
لماذا تختلف الاستثارة بالنظر في الرجال عن النساء
رامبو ينقذ مسلمة !
المرأة والمهمة المنسية
لن تلحد !!
التربية الإيمانية للطفل
قواعد أساسية في فهم الشبهات والتعامل مع المتأثرين بها
الأسباب المعرفية للإلحاد
هجوم الإلحاد والشذوذ
السبب الأهم للإلحاد هو القابلية للإلحاد
العلمانية تعريفًا وحقيقةً
الهوية وأثرها في تشكيل الوعي لدي الأبناء
أبعاد الجدل الدائر في الغرب حول المثلية الجنسية
أزمة الوعي في المادية
أسئلة الأطفال الايمانية – أ.أحمد سيد
أسئلة الأطفال الإيمانية
أطروحة ابن القيم لعلاج الميول الجنسية الشاذة
بالملحدين لا نثق – مترجم
تجربة منتدى التوحيد على الانترنت في نقض شبهات الملحدين
أبناؤنا وموجات التشكيك
حتى لا يكون في بيتنا ملحد
5 شارع الملحدين
د ذاكر نايك – يدافع عن نفسه
بعض الكتب للمهتمين بأطروحات الإلحاد
دور التربية على تدبر القرآن الكريم في مقاومة الانحراف عن الدين
دور المجتمع في مواجهة دعوات التحرر الجنسي
دور منتدى التوحيد في التعامل مع ملف الإلحاد في الفضاء الاليكتروني
ريتشارد دوكينز يتقبل التصميم الذكي ولكن يعترض على أن يكون الخالق الله!
الشباب تحت القصف الفكري
سر عداء الغرب للإسلام
المباديء العقلية الفطرية
انتبه لنفسك
كيف نتعامل مع أسئلة وشكوك الشاب الرافض للوصاية الفكرية
كيف نتعامل مع مدمني الشكوك والاعتراضات
تحري الدقة والموضوعية عند تناول الأطروحات الإلحادية
نظرة شمولية حول المثلية الجنسية
هل يحق لطالب الحق أن يشك ويسأل ويمحص حتى يبلغ اليقين
يتعلمون الدعوة إلى قضاياهم منذ نعومة أظفارهم
مشكلة تسطيح الظاهرة الإلحادية واختزالها عند التعامل معها
دور التربية على مبدأ التسليم لله تعالى في الوقاية من الشبهات الفكرية المعاصرة
الشبهات قديمة! ، فلماذا ظهر تأثيرها بقوة حاليا؟!
كيف نتعامل مع شبهات الأبناء العقدية
كيف نعرف أننا على الحق؟
مقدمة في العقيدة
الدين الإبراهيمي الجديد!!
كيف نُعالج انبهار الأبناء بحضارة الغرب؟!
تعليقات على حوار دوكينز مع مجموعة من الأطفال
ظاهرة التفاهة و ضعف التدين
أسباب وقوع الشباب فى الإلحاد
لماذا نسعى لمعرفة أسباب الإلحاد
لماذا لا نسمح للملحدين بالتواجد العلني في مجتمعاتنا المسلمة ؟
ماذا أفعل مع ابني الملحد ؟
رسالة خطيرة: الأسرة هي خط الدفاع الوحيد
ما هي حقيقة مقالات وبرامج تبسيط العلوم
علماء مواقع التواصل الاجتماعي
كيف نقرأ أي ورقة علمية ؟
أهمية القراءة العلمية في كل الاتجاهات
لماذا يظن الملحد أنه أذكى وأعلم من المتدينيين
المغالطات المنطقية | ارجع لفطرتك
في بيتنا ملحد | 1- أرقام وإحصائيات
في بيتنا ملحد | 2 – ليا زميل ملحد !!
في بيتنا ملحد | 3 – أبو شبر
في بيتنا ملحد | 4 – حركات غريبة
في بيتنا ملحد | 5 – في بيتنا أزمة
في بيتنا ملحد | 6 – احنا عندنا إيدز
في بيتنا ملحد | 7 – الكبت يولد الإلحاد
في بيتنا ملحد | 8 – اضطهاد المرأة
في بيتنا ملحد | 9 – الوسواس القهري
في بيتنا ملحد | 10 – تخلف الأمة
في بيتنا ملحد | 11 – توصيات ختامية
المغالطات المنطقية| مقدمة
الاحتكام الى السلطة
الرنجة الحمراء
التوسل بالمجهول
أقوى أسباب انتشار ظاهرة الإلحــاد في مجتمعاتنا العربية
ماهو الإلحاد وكيف نتعامل مع الملحد وما هي أسبابه
خطر الإلحاد الروحي وانتشار اليوغا والعلاج بالطاقة
هل لفقدان الوالد أثر في جنوح الأولاد نحو الإلحاد؟
من التنمية البشرية إلى الإلحاد والوسواس القهري
مساران يؤديان إلى الإلحاد: معرفي ونفسي
الأسباب الجذرية للإلحاد وعلاجها
الإلحاد انتشر في المنطقة.. وهو صناعة غربية
المقالات
المغالطات المنطقية
مقدمة عن الاستدلال الاستنباطيء
للاستدلال المنطقي عدة أنواع كالاستدلال الاستنباطي والاستدلال التمثيلي والاستدلال الاستقرائي، لكن يهمنا هنا الاستدلال الاستنباطي، لأنه هو المستخدم غالبا في مجالات النقاش، وهو يسير من العام إلى الخاص، ويقوم على استخلاص نتيجة (ن) من خلال مقدمات (م1، م2،…) إما أن تكون مثبتة أو أنها مسلّمات. وبعبارة أخرى: الاستدلال المنطقي الاستنباطي هو الخروج من المقدمات المنطقية بنتائج حتمية وحيدة غير قابلة للاحتمالات. أمثلة:
م1: كل الفلزات تتمدد بالحرارة، م2: الحديد فلز، ن: الحديد يتمدد بالحرارة.
م1: إذا أمطرت السماء فهي ملبدة بالغيوم، م2: السماء تمطر الآن، ن: السماء الآن ملبدة بالغيوم.
مثال على إثبات وجود الخالق بالاستدلال الاستنباطي:
أولا- مقدمة1: كل شيء له بداية مطلقة فهو وجد من العدم، مقدمة2: الكون له بداية مطلقة (حقيقة علمية)، نتيجة1: الكون وجد من العدم.
ثانيا- مقدمة1: القائم بالفعل يجب أن يكون موجودا قبل قيام الفعل، مقدمة2: الكون لم يكن موجودا قبل فعل الوجود، النتيجة2: الكون لم يوجد نفسه.
ثالثا- مقدمة1: كل فعل يحتاج إلى فاعل (حقيقة علمية)، مقدمة2: وجود الكون من العدم فعل، نتيجة3: يوجد فاعل سابق لوجود الكون.
هذه النتائج الثلاث هي نتائج منطقية حتمية مثبتة واجبة وليس لها بدائل.. أي أنه لا يوجد فيها أي طعن ولا يمكن استبعادها.
سنعتبر هذه النتائج مقدمات لنخلص للنتيجة النهائية:
مقدمة1: الكون وجد من العدم، مقدمة2: الكون لم يوجد نفسه، مقدمة3: يوجد فاعل سابق لوجود الكون، نتيجة4: يوجد خالق للكون. وهذا هو المطلوب إثباته. وفي المنطق يجب إذا وصلنا إلى نتيجة مثبتة غير قابلة للنقاش أن نحترمها لأنه لا يمكن الوصول إلى نتيجة أخرى تناقضها أبدا إذا كان استدلالنا صحيحا.
يبقى السؤال الذي يطرح أحيانا: هل للخالق خالق؟
وهذا سؤال خاطئ للأسباب التالية:
قبول هذا السؤال يوقعنا فيما يسمى بـ “الدور” أو “الاستدلال الدائري” (circular reasoning) وهذه من المغالطات المنطقية كما سنرى، حيث تكون النتيجة هي مقدمة لنفسها.
قبول هذا السؤال يناقض النتيجة التي توصلنا إليها بالدليل المنطقي.. ونقض النتيجة المثبتة غير ممكن.
فيما يخص العدم والوجود، فإن التقسيم إلى خالق ومخلوق أمر حتمي كما ثبت، وتداخلهما خطأ منطقي، حيث أنه يلزم للاستدلال المنطقي أن لا تتداخل المفردات من حيث الدلالة، فالخلط في الدلالة بين الخالق والمخلوق يعد خللا في التفكير المنطقي.
فما المشكلة؟ وكيف يكون الخالق موجودا وليس له موجد؟
الإجابة هي أن هذا الخالق يجب أن يكون أزليا (ليس له بداية) لكي يستقيم المنطق، وهو ليس كالمخلوق (الكون) الذي يمكننا إثبات أن له بداية بالأدلة العلمية كالقانون الثاني من الديناميكا الحرارية والانفجار الكبير وغيرهما. النتيجة: وجود خالق أزلي للكون.
أنواع المغالطات المنطقية
مغالطة الاحتكام إلى الجهل
مغالطة الاحتكام إلى الأغلبية
مغالطة الاستدلال الدائري
مغالطة التعميم
تجاهل المطلوب (الحيدة)
مغالطة الرنجة الحمراء
مغالطة الشخصنة
مغالطة الاحتكام إلى السلطة
مغالطة استدرار العطف
مغالطة الاحتكام إلى عامة الناس
مغالطة الاحتكام إلى القوة
مغالطة الاحتكام إلى النتائج
مغالطة القسمة الثنائية
مغالطة السبب الزائف
مغالطة السؤال المشحون
مغالطة التفكير التشبيهي الزائف
مغالطة رجل القش
مغالطة التجسيم
مغالطة سرير بروكروست
مغالطة ابتداع المصطلح
مغالطة إغفال الاستثناءات
مغالطة الاهتمام بالتأييد دون التفنيد
مغالطات أخرى
توكيد اللازم (Affirming the consequent): الإيمان بأن النتيجة تثبت السبب.
حجة السذاجة (Argument from incredulity): أن تبني حجتك على أساس أن (هذا لا يصدق!) أو (هذا غير معقول!). لو صح هذا النوع من الاحتجاج لانتهت الفيزياء الكمية.
إثبات السالب (Negative proof): الاحتجاج بوجود كائن لأنه لا دليل على عدم وجوده، أو عدم وجود كائن لأنه لا دليل على وجوده: الخالق غير موجود لأن ليس لدينا دليل ملموس على وجوده.
حجة الكذب (Argumentum ex culo): جميع أنواع الحجج المبنية على التلفيق أو الكذب.
حجة لكل غرض (Ad hoc): استخراج أدلة وتفسيرات بشكل شبه عشوائي لتفسير الظواهر الجديدة بدلاً من استخدام الوسائل المنطقية السليمة. عادة ما نحتاج لتوليفة من المغالطات المنطقية من أجل وضع هذه التبريرات.
حجة الإصرار (Argument by assertion): الإيمان بأنك لو قلت شيئاً مراراً وتكراراً فسوف يصبح الأمر في النهاية من الحقائق والمسلمات.
المراوغة (Equivocation): أن تقوم عمداً باستبدال معنى كلمة معينة في سياق معين بمعنى مأخوذ من سياق آخر.
التشبيه الخاطئ (False analogy): القيام بتشبيه أو تناظر بين شيئين ثم تعميمه ليشمل أشياء تثبت القضية.
حبيب أمك (Argumentum ad cellarium): ضرب الخصم مباشرة على أساس أنه لا يزال في حضن أمه ولا يعلم شيئا عن العالم الخارجي.
تسميم البئر (Poisoning the well): محاولة دحض الحجة من خلال التشكيك بصدق المحاور.
وأنت كذلك (Tu quoque): رفض النقد الموجه بحجة أن مقدم النقد هو أيضاً متهم بالقضية.
مناشدة حكمة الأولين (Appeal to ancient wisdom): القضية صحيحة لأن قبائل المايا أو الصينيين أو الفراعنة قالوا كذلك من آلاف السنين.
مناشدة التقاليد (Appeal to tradition): الأمر صحيح لأنه قائم ومتعارف عليه في المجتمع.
مخاطرة جاليليو (Galileo gambit): لو ناقض أحدهم الرأي العام فلا بد أن يكون على حق لأن جاليليو ناقض الرأي العام وكان محقاً.
إثبات المستلزمات (Begging the question): افتراض صحة النتائج كجزء من المعطيات.
الخلط بين العلاقة والسببية (Confusing correlation for causation): عدد القراصنة في المحيطات في تناقص ودرجة حرارة المحيطات في ارتفاع، وهذا يعني أن القراصنة هم من يبردون المحيطات.
مغالطة التزامن (Post hoc, ergo propter hoc): إذا كان س حدث قبل ص فلا بد أن يكون س هو سبب حدوث ص.
مغالطة المصوب الدقيق (Texas sharpshooter fallacy): أن تجمع الأدلة التي تؤيد نظريتك وتتغاضى عن الأدلة التي تناقض النظرية بدلاً من النظر في جميع الأدلة.
مغالطات التجميع والتقسيم (Composition and division): الخلط بين ما هو صحيح بالنسبة للكل وما هو صحيح بالنسبة للجزء.
مغالطة الارتباط (Association fallacy): ربط صفات إحدى المجموعات بصفات مجموعة أخرى وذلك لوجود تشابه في بعض الصفات الأخرى غير الهامة أو التي اشتركت بها المجموعتان بمحض الصدفة.
معضلة خطأ (False dilemma): تصوير الوضع وكأننا بين خيارين لا شيء بينهما ولا ثالث لهما.
مضخة البديهيات (Intuition pump): تعمد إساءة استخدام القصص الفكرية من أجل إثبات النقاط الغلط.
افتراضات مسبقة (Presupposition): وضع افتراضات ضمنية غير مثبتة كجزء من الحجة.
نتيجة لا تتبع السبب (Non sequitur): من أهم المغالطات المنطقية وهو الادعاء بأن “س ← ص” في حين أن في الواقع س لا يسبب ص.
تجسيم (Reification): التعامل مع الأفكار المجردة وكأنها أشياء حقيقية. على سبيل المثال، اعتبار الذكاء كعضو من أعضاء الإنسان.
حجة المترتبات التي لا تطاق (Argument from adverse consequences): النقاش ضد نقطة بحجة أن مآلات صحتها لا تطاق وبالتالي من الأفضل رفض النقطة دون الحاجة لنقاش صحتها.
احتجاج خاص (Special pleading): أن تؤمن بأن وجهة نظرك الخاصة تحتاج لمعايير خاصة تختلف عن المعايير التي تقيم بها وجهات النظر الأخرى دون مبرر.
أسلوب أهم من المحتوى (Style over substance fallacy): استعمال اللغة التعبيرية الجميلة لإضافة الاستحسان للفكرة لا لصحتها.
نقاش حتى الغثيان (Argumentum ad nauseam): الإيمان بأن استمرارك في نقاش الفكرة لوقت طويل سيحقق لك الفوز بعد أن يشعر خصمك بالغثيان الذي يمنعه من الاستمرار بالنقاش.
احتكام للعواطف (Emotional appeal): تقييم الحجة بناءً على نتائجها العاطفية بدلاً من نتائجها المنطقية.
مغالطة الاحتكام إلى الجهل
هذه المغالطة هي أشهر مغالطة يستخدمها الملاحدة، وهي تتلخص في أن عدم وجود الدليل هو بحد ذاته دليل. فعندما تسأله مثلا: هل أنت متأكد من عدم وجود خالق؟ قد يجيبك إن لم يكن ملحدا مطلعا على المغالطات المنطقية: نعم متأكد! فتسأله: لماذا أنت متأكد؟ فيقول: لأنه لا يوجد دليل على وجود الخالق! بالطبع الاستدلال المنطقي على وجود الخالق معروف، ولكن حتى لو فرضنا أنه لا دليل على وجود الخالق فإن عدم إطلاعنا على مثل هذا الدليل لا يعني عدم الوجود. وأبسط مثال على ذلك يمكننا أن نطرحه على مثل هذا الملحد هو أن نسأله: هل كانت القارة الأمريكية موجودة قبل 1500 عام؟ سيقول: بالتأكيد.. ولكن حسب استدلاله فإنها لم تكن موجودة لأنه لم يكن هناك دليل حينها على وجودها.
ومن الأمثلة على اعتبار انعدام الدليل دليلا هو قول جحا إن عدد نجوم السماء 51699 نجمة. فلما كذبه أحد جلسائه، قال له: قم عدها لتثبت كذبي.
وخلاصة الإشكال في هذه المغالطة هو عدم الالتزام بأن يكون عبء البينة على المدعي، وإنما يضعه المغالط على المنكر للادعاء، وهذا مخالف للقاعدة المعروفة: البينة على المدعي.. فيكون الادعاء حقا ما لم يبرهن أحد أنه باطل.
- هذا المغسلة أضاعت ملابسي والدليل أنه ليس لديها ما يثبت عدم استلامها لملابسي.
- العنقاء حقيقة لأنه لا يوجد دليل ينفي وجودها.
- لا يوجد أحد في هذه الغرفة المغلقة لأنه ليس لدي دليل على وجود أحد فيها.
مغالطة الاحتكام إلى الأغلبية
هي البرهنة على أن الفكرة صحيحة لأن الأغلبية يؤمنون بها.
- أكثر علماء الأحياء يؤمنون بصحة التطور، فهي نظرية ثابتة علميا. (الصحيح أن أكثرهم يؤمنون به ليس لثبوته بالدليل العلمي وإنما لأن البديل هو الدين، والمجتمع العلمي الغربي يخشى كثيرا من عودة الكنيسة ومحاكم التفتيش التي قتلت العلماء)
- قاد هتلر شعبه إلى الهاوية بتأييد عارم
- حظي الرق يوما بتأييد الأغلبية في الولايات المتحدة
- كانت الأرض هي مركز الكون باعتقاد الجميع
مغالطة الاستدلال الدائري
هي البرهنة على المسألة بنفسها، أي أن نعيد صياغة المقدمة ثم نجعلها نتيجة، فينخدع المتلقي ويظنها نتيجة مختلفة، وربما تأتي بطريقة ملتوية دون أن نعيد الصياغة. أمثلة:
- أي عنصر أقل كثافة من الماء لابد أن يطفو فوقه، لأن الأشياء الأقل كثافة لا تغطس. (كأننا نقول: أي عنصر أقل كثافة من الماء لابد أن يطفو فوقه لأنه أقل كثافة منه)
- ينبغي ألا نصدر أسلحة إلى ماليزيا لأن من الخطأ تزويد البلدان الأخرى بأدوات القتل. (ينبغي ألا= من الخطأ، نصدر= نزود، أسلحة= أدوات القتل، ماليزيا= البلدان الأخرى)
- الطالب: أنا لم أفعلها ويشهد على كلامي ناصر. المعلم: وكيف أثق بمصداقية ناصر؟ الطالب: أنا أضمن صدقه يا أستاذ.
وقد يتحول الاستدلال الدائري من مغالطة إلى استدلال صحيح بحسب موقف المتلقي من الدليل. فمثلا هذا الحوار إذا كان بين مسلم ومسلم فهو استدلال صحيح وإذا كان بين مسلم وكافر فهو استدلال دائري نظرا لاختلاف المرجعية المعتبرة في الاستدلال بين المسلم والكافر:
- سيبقى القرآن محفوظا من أي تحريف. – ما الدليل على ذلك؟ – الدليل هو قوله تعالى: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون.
فالمسلم يؤمن بنزول القرآن كاملا ومن هنا نثبت له الحفظ، أما الكافر فهو أصلا لا يؤمن بحجية القرآن.
مغالطة التعميم
مغالطة التعميم هي استخلاص نتيجة عن خصائص الفئة كلها من خلال خصائص عينة منها. وكلما كانت تلك العينة ممثلة للفئة والفئة متجانسة كلما كان التعميم أقل مغالطة، لذلك يحرص الباحثون عند إجراء الدراسات أو المسح على فئات كبيرة أن يكتفوا بعينة البحث شريطة أن تكون ممثلة لكافة عناصر الفئة، ومن أشهر ما يتداوله الناس التعميم في أوصاف الجنسيات أو المجاميع البشرية بناء على تجارب شخصية محدودة. أمثلة على مغالطة التعميم:
- كلما شاهدت الأخبار وجدت فيها خبرا عن تفجير قام به مسلمون، إذا المسلمون إرهابيون. (هذا المثال ينطبق أيضا على مغالطة “النصوع المضلل” وهي تندرج ضمن مغالطة التعميم، وفيها يكون الاستجابة النفسية الناتجة من الوهج والتركيز الإعلامي على العناصر سببا في التعميم على الفئة، ومثله أن مسافرا نجا من حادث طائرة يرى أن مخاطر السفر بالطائرة أكثر من مخاطر السفر في وسائل النقل الأخرى)
- ما إن قدمت إلى لندن حتى استقبلني موظف الجمارك بالكثير من الدماثة، وما إن ركبت مع سائق التاكسي حتى وجدته كريما باسما، فعرفت أن الانجليز شعب ودود دمث.
- التفاحات على وجه الصندوق تبدو نضرة وشهية، إذا جميع التفاحات في الصندوق ممتازة.
تجاهل المطلوب (الحيدة)
قد يتجاهل المرء نقطة النقاش ويحيد إلى إثبات نقطة أخرى، فيبدو إثباته معقولا وينخدع به المقابل، ولكن في الحقيقة أن إثباته لا قيمة له لأنه لا يصب في موضوع النقاش. أمثلة على الحيدة:
- عندما يطرح الملحد شبهات حول النبوة أو حول القرآن وهو أصلا لا يؤمن بوجود الخالق، هنا يجب أن يعاد إلى موضوع وجود الخالق.
- عندما تناقش الربوبي عن صحة الإسلام فيتحدث عن القتل والنحر الذي تقوم به داعش.
- عندما يركز محامي الادعاء في جريمة قتل على فظاعة الجريمة التي ارتكبت ودمويتها بدلا من التركيز على أدلة إدانة المتهم.
مغالطة الرنجة الحمراء
الرنجة الحمراء هي نوع من السمك تحبها الكلاب، يقوم المجرمون الهاربون من السجن بسحبها جانبا عن طريق هروبهم فإذا هربوا ذهبت الكلاب إلى الرنجة الحمراء وتركتهم. ويعمد مستخدمو هذه المغالطة إلى استهلاك الخصم في تفاصيل براقة لكنها تافهة وخارجة عن موضوع النقاش فينشغل بها الخصم. لكن قد تكون المواضيع الجانبية مرتبطة عضويا بموضوع النقاش، وهنا لا يعتبر الاهتمام بها مغالطة. أمثلة على مغالطة الرنجة الحمراء:
- كيف تريد حظر التدخين؟ إن التدخين أهون كثيرا من تعاطي الخمور، ألم تعلم أن الخمر هي أم الخبائث؟ وأنها تكلف العالم سنويا في استهلاكها وضررها والكوارث الناتجة عنها أكثر من ترليون دولار؟
- هناك لغط حول حظر استخدام المبيدات في حقول الخضروات والفواكه، غير أن كثيرا من هذه الأطعمة ضروري لصحتنا، فالجزر مصدر أساسي لفيتامين أ والبرتقال يحتوي على نسبة عالية من فيتامين ج.
مغالطة الشّخْصَنَة
تقوم مغالطة الشخصنة على الطعن في شخص الخصم بدلا من رد حجته، والأمل منها هو سقوط الدعوى عند تشويه قائلها لدى السامع. ولكن عندما تكون العيوب الشخصية لها علاقة كاتهام قاض بالتزوير فإنها لا تعد مغالطة. ومغالطة الشخصنة تنقسم بدورها إلى أربعة أنواع من المغالطات: (1) القدح الشخصي أو السب، (2) التعريض بالظروف الشخصية، (3) أنت أيضا تفعل ذلك، (4) تسميم البئر (تشويه المصدر بأكمله). وإليك أربعة أمثلة لها؛ مثال لكل نوع:
- كان آينشتاين موظفا حقيرا عندما كتب نظريته، إنها نظرية لا تخلو من الأخطاء.
- كل ما يقوله هذا الرجل ضد نظرية التطور غير مقبول، فهو خطيب جمعة يردد في كل خطبة “يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها”.
- كيف لي أن أستمع إلى نصيحة هذا الطبيب بخفض وزني ما دام بدينا هكذا؟
- هذا الإرهابي البغيض، لا نقبل منه أية كلمة.
مغالطة الاحتكام إلى السلطة
يقع المرء في مغالطة الاحتكام إلى السلطة عندما يعتقد بصحة قضية أو فكرة علمية يمكن التحقق منها، ولكن لا سند لها إلا سلطة قائلها. وقد تكون الفكرة صائبة بالطبع ولكن المغالطة تكمن في اعتبار السلطة بديلا للدليل. وأما الاستعانة بالخبراء وقبول أقوالهم فهذا لا يعد مغالطة بشرط أن هؤلاء الخبراء يستطيعون تقديم الدليل.
- عالم الأحياء ريتشارد دوكنز يقول إن التطور حقيقة. (لا يوجد دليل)
- التدخين ليس منه ضرر كبير على غير المدخنين، هكذا تقول دراسة أجراها فريق الأطباء الباحثين لدى شركة مارلبورو.
- يقول المختصون إن العلم يتعارض مع الإيمان. (خبرة غير محددة).
مغالطة استدرار العطف
تقع هذه المغالطة عندما يدفع بالشفقة والعاطفة لتقوم مقام البينة والدليل، ولكن المغالطة لا تقع، على كل حال، عندما تكون العاطفة أو الشفقة لها مساس مباشر بالموضوع، فمثلا يمكنني أن أشتري نفس الصحيفة من البائع الكفيف لأشجعه على طلب الرزق، أو أمنح فرصة أخرى للطالب الذي أصيب بحادث سيارة وهو قادم إلى الامتحان. أمثلة على مغالطة استدرار العطف:
- كيف ترفض رسالتي للدكتوراه؟ لقد عكفت عليها سبع سنوات متواصلة.
- هذا الغلام الذي قتل أبويه ساعة انفعال يكفيه أنه سيعيش يتيما محروما من الأبوين.
- كيف تقول إن الكرة خارج الخط؟ إنها داخله.. ثم إني مهزوم بعشرة إلى واحد.
- ينبغي أن تمنحني درجة ممتازة في هذا الفصل، فجدتي مريضة، ولو سمعت برسوبي قد تموت بنوبة قلبية.
مغالطة الاحتكام إلى عامة الناس
قوام هذه المغالطة هو الاحتكام إلى الناس على حساب العقل، ومعلوم أن اتساع نطاق الاعتقاد عند الناس بأمر ما لا يعني صحته. وربما كان منبع هذه المغالطة هو نزعة مجاراة القطيع. وهذه أمثلة على المغالطة:
- خطأ شائع خير من صواب مهجور.
- ما الخطأ في ذلك؟ كل الناس يرون صحته.
- كل جامعات العالم تقوم بتدريس نظرية التطور، فهي مثبتة علميا. (الكثير منها أيضا يقوم بتدريس الهندوسية والأديان المحرفة).
مغالطة الاحتكام إلى القوة
تعني هذه المغالطة اللجوء إلى التهديد والوعيد من أجل إثبات دعوى، ومرتكز الخطأ فيها هو أن التهديد لا يعمل في الحقيقة على مستوى القناعة الفكرية؛ فيمكنك مثلا أن تفرض السلوك القويم، ولكنك لن تستطيع فرض القناعات بالقوة. والانصياع ليس دائما دليلا على الاقتناع؛ فقد أصر جيوردانو برونو على آرائه الفلكية فقطعت محاكم التفتيش لسانه وأعدمته حرقا، أما جاليليو فأذعن لهم حول نفس الآراء وسلِم.
- قال المدير للموظف: ينبغي أن توافق على السياسات الجديدة للشركة، هذا إذا كنت تريد الحفاظ على وظيفتك.
مغالطة الاحتكام إلى النتائج
الاستدلال المنطقي هو الخروج من المقدمات المنطقية بنتائج حتمية وحيدة غير قابلة للاحتمالات.
سنطبق الاستدلال المنطقي هنا على مسألة الخلق ونرى إلى أي نتيجة يقودنا هذا الاستدلال.
أولا هل وُجد الكون من العدم؟
مقدمة1: كل شيء له بداية مطلقة فهو وجد من العدم
مقدمة2: الكون له بداية مطلقة (حقيقة علمية)
نتيجة1: الكون وجد من العدم.
ثانيا هل أوجد الكون نفسه؟
مقدمة1: القائم بالفعل يجب أن يكون موجودا قبل قيام الفعل
مقدمة2: الكون لم يكن موجودا قبل فعل الوجود
نتيجة2: الكون لم يوجد نفسه.
ثالثا هل يوجد فاعل سابق لوجود الكون؟
مقدمة1: كل فعل يحتاج إلى فاعل (حقيقة علمية)
مقدمة2: وجود الكون من العدم فعل
نتيجة3: يوجد فاعل سابق لوجود الكون.
هذه النتائج الثلاث أثبتنا صحتها، فهي نتائج منطقية حتمية مثبتة واجبة وليس لها بدائل.. أي أنه لا يوجد فيها أي طعن ولا يمكن استبعادها أبدا. وبما أنها ثبتت لدينا فسوف نعتبرها مقدمات لنخلص للنتيجة النهائية:
رابعا هل يوجد خالق للكون؟
مقدمة1: الكون وجد من العدم
مقدمة2: الكون لم يوجد نفسه
مقدمة3: يوجد فاعل سابق لوجود الكون
نتيجة4: يوجد خالق للكون.
وهذا هو المطلوب إثباته.
وفي المنطق يجب إذا وصلنا إلى نتيجة مثبتة غير قابلة للنقاش أن نحترمها لأنه لا يمكن الوصول إلى نتيجة أخرى تناقضها أبدا ما دمنا قد بنينا استدلالنا بناءً صحيحا. يبقى السؤال الذي يطرح أحيانا:
هل للخالق خالق؟
وهذا سؤال خاطئ منطقيا للأسباب التالية:
قبول هذا السؤال يوقعنا فيما يسمى بـ “الدور” أو “الاستدلال الدائري” (circular reasoning) وهو من المغالطات المنطقية المعروفة، حيث تكون النتيجة هي مقدمة لنفسها، ونحن لا نريد أن نقبل أي مغالطة منطقية في استدلالنا.
قبول هذا السؤال يناقض النتيجة التي توصلنا إليها وأثبتناها بالاستدلال المنطقي.. ونقض النتيجة المثبتة غير ممكن.
فيما يخص العدم والوجود، فإن التقسيم إلى خالق ومخلوق أمر حتمي كما ثبت، وتداخلهما خطأ منطقي، حيث أنه يلزم للاستدلال المنطقي أن لا تتداخل المفردات المستخدمة في الاستدلال من حيث الدلالة، فالخلط في الدلالة بين الخالق والمخلوق يعد خللا في التفكير المنطقي.
فما المشكلة؟ وكيف يكون الخالق موجودا وليس له موجد؟
الإجابة هي أن الخالق إما أن يكون أزليا (ليس له بداية) أو أن يكون غير أزلي، فإن كان غير أزلي فإن استدلالاتنا المثبتة تسقط، وسقوطها غير ممكن منطقيا لأنها مثبتة، فلا يبقى إلا احتمال واحد وهو أن الخالق أزلي، أي أنه ليس له خالق. والخالق سبحانه ليس محسوسا نستدل عليه بالحس وإنما الطريق الوحيد للاستدلال عليه وعلى صفاته عند العقلاء هو استخدام العقل، فهو ليس كالمخلوق (الكون) الذي نشاهده وندرسه فيزيائيا ونثبت صفاته وبدايته بالأدلة العلمية كقوانين الديناميكا الحرارية والانفجار الكبير وغيرها. وعلى ذلك فإن الاستدلال على وجود الخالق يكون بالعقل، أما الاستدلال على العالم المشهود فيكون بالحس. وقد أشار القرآن إلى ذلك مرارا فوصف آيات إثبات وجود الله بأنها آيات “لقوم يعقلون”، ووصفهم أحيانا بأنهم “أولو الألباب”، بينما أمر بالنظر في الكون والمخلوقات بعبارات حسية مثل: “ألم تر..”، “أفلا تبصرون”، “قل انظروا..”.
النتيجة النهائية: وجود خالق أزلي للكون.
وآن لرحلة التيه أن تنقضي (د. مصطفى محمود أنموذجا)
تتخبط الأرواح في ظلمات التيه، ويطوق خناقها طوفان الشك، فتكبلها موجات التزعزع، تجدها أقامت ردحا من الزمن في دهاليز الظلمة والشك ينخر في فطرتها، يزيدها ضلالا وضياعا، كبرا وجهلا، وكانت دعوى تحرر العقل وتنويره هي البوابات الكبرى لولوج هذا الكهف المظلم.
وما تلبث الأرواح التي تبحث عن الحقيقة بصدق أن ترجع إلى ميدان الضياء، وفسحة الأمل، وراحة البال وهناءه، وتوفيق الله كان لها حليفا.
هنا تنطلق الفطرة السوية وتتحرر مما يكبلها، فالفطرة الصافية المتحررة من كل زيغ وبهتان، تسلم بوجود الله وأنه هو الخالق لهذا العالم، والمالك لهذا الوجود بلا منازع.
من هذه النماذج التي أقامت تحت طوفان الشك وأقلقتها الحيرة وبددت استقرارها فبدى صوت العقل في مسيرتها لحوحا حتى جرفها في وحل الضياع، الأستاذ الدكتور (مصطفى محمود).
فقد بدأ هذا الداء ينخر في نفسه في سن مبكرة، وأصبح يقض مضجعه ولعلنا في هذه السطور نقف على شيء من محطات رحلته، ونسلط الضوء على بعض التحولات التي مر بها في مسيرته، ونستعرض كلماته التي عبر بها عن ذاته في كل مرحلة من هذه الرحلة…
001
يقول مصطفى محمود في كتابه (رحلتي من الشك إلى الإيمان): “كان ذلك من زمن بعيد لست أذكره.. ربما كنت أدرج من الثالثة عشرة إلى الرابعة عشرة وربما قبل ذلك.. في مطالع المراهقة.. حينما بدأت أتساءل في تمرد: تقولون إن الله خلق الدنيا لأنه لا بد لكل مخلوق من خالق ولا بد لكل صنعة من صانع ولا بد لكل موجود من موجد.. صدقنا وآمنا.. فلتقولوا لي إذن من خلق الله.. أم أنه جاء بذاته.. فإذا كان قد جاء بذاته وصح في تصوركم أن يتم هذا الأمر.. فلماذا لا يصح في تصوركم أيضا أن الدنيا جاءت بذاتها بلا خالق وينتهي الإشكال…”.
وبالطبع كلما توغل الإنسان وتعمق في نظرته إلى الكون لتظهر له الصفات الواجب توفرها في هذا الأزلي الذي ليس قبله شيء: أدرك بأقل نظر وإعمال عقل أنه حكيم قدير عليم له إرادة خاصة ومشيئة حرة، وهو أبعد ما يكون عن كون أصم لا حياة فيه ولا حرية تصرف في مادته التي نخضعها في معاملنا ليل نهار من غير أن تعترض!
ويحكي مصطفى محمود خطواته الأولى في هذا الطريق، ويظهر حقيقة تسيطر على من يمضي فيه، بأن السائر في هذا الطريق ليس بالضرورة يبحث عن الحقيقة، فقد يكون تقلبه في هذا الوحل واستمراره في هذا التيه إنما هو نابع عن اعتداد بالنفس وكبر فيها، يقول مصطفى محمود واصفا هذه المرحلة من حياته، وزهوه في عقله: “إن زهوي بعقلي الذي بدأ يتفتح وإعجابي بموهبة الكلام ومقارعة الحجج التي انفردت بها.. كان هو الحافز دائما.. وكان هو المشجع.. وكان هو الدافع.. وليس البحث عن الحقيقة ولا كشف الصواب.
لقد رفضت عبادة الله لأني استغرقت في عبادة نفسي وأعجبت بومضة النور التي بدأت تومض في فكري مع انفتاح الوعي وبداية الصحوة من مهد الطفولة”.
ويصف مصطفى محمود مزلقا خطيرا يقذف بالإنسان في الهوة، ويغرقه في مستنقع الوحل من حيث لا يشعر، إنها نظرة التبجيل والإكبار الزائد للغرب، ونظرة التخلف والدونية للعرب فيقول حاكيا نظرته ومن سار على طريقه: “كان الغرب هو التقدم، وكان الشرق العربي هو التخلف والضعف والتخاذل والانهيار تحت أقدام الاستعمار، وكان طبيعيا أن نتصور أن كل ما يأتينا من الغرب هو النور والحق… وهو السبيل إلى القوة والخلاص”.
ومن ثم مضى مصطفى محمود يبحث عن راحة نفسه واستقرارها لما رأى أنها مضمحلة في هذا العالم الذي يعيشه، فظل يبحث عن مخرج تأنس به روحه وتستقر، فتشبث بوميض رأى أن فيه خلاصًا لنفسه، حيث يقول حاكيًا رحلته في أحد السراديب وهو يتلمس نور الحقيقة: “وعشت سنوات في هذا الضباب الهندي وهذه الماريجوانا الصوفية ومارست اليوجا وقرأتها في أصولها، وتلقيت تعاليمها على أيدي أساتذة هنود، وسيطرت عليّ فكرة التناسخ مدة طويلة، وظهرت روايات لي مثل العنكبوت والخروج من التابوت، ثم بدأت أفيق على حالة من عدم الرضا وعدم الاقتناع، واعترفت بيني وبين نفسي أن هذه الفكرة عن الله فيها الكثير من الخلط، ومرة أخرى كان العلم هو دليلي ومُنقذي ومُرشدي”.
وفي سراديب العيش في وحدة الوجود الهندية حيث كانت طريق امتد إلى نهاية هلامية لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا تمنح راحة ولا قرارًا وإنما زيادة تيه على تيه، وضياع على ضياع، فلم يلبث أن وعى أنه أقحم نفسه في سراديب مظلمة.
وبعد تجليات ومسارات متعددة في حياته من تمجيد للعقل، وخوض في الفلسفات المتنطعة كوحدة الوجود الهندية، وتشعبات وطرق متداخلة، وشد وجذب مع النفس وصل أقصى حدوده، استقرت نفس مصطفى محمود على الحقيقة الكبرى، واطمأنت إلى الحقيقة العظمى، وأدركت أنها هي الطريق الصحيح الوحيد، فالدنيا مرحلة مؤقتة تليها الحياة الكبرى، فالبعث والنشور حقيقة لا مرية فيها ولا جدال بعد هذه الرحلة الطويلة، فها هو يصف الدنيا بعد أن استقر نور الحقيقة في قلبه: “إن دنيانا هي فترة موضوعة بين قوسين بالنسبة لما بعدها وما قبلها, وهي ليست كل الحقيقة ولا كل القصة.. وإنما هي فصل صغير من رواية سوف تتعدد فصولاً، وقد أدرك الإنسان حقيقة البعث بالفطرة، أدركها الإنسان البدائي، وقال بها الأنبياء أخباراً عن الغيب، وقال بها العقل والعلم الذي أدرك أن الإنسان جسد وروح…”.
ويعلن مصطفى أن الفطرة السوية التي خلقها الله في القلوب بيضاء نقية لم يشبها الغبش ولم تلونها الفلسفات المتنطعة، هي من أعظم الطرق لبلوغ التوحيد الصحيح، وإن الإسراف في تتويج العقل وجعله هو المحرك لحياة الإنسان، لا حدود إلا ما يرسمها، ولا ضوابط إلا ما يقيمها لهو الهوّة العظمى في طريق الصواب يبتلع كل ما يمر عليه.
يقول مصطفى محمود في هذا الشأن حاكياً مشواره الذي تقلب فيه سنيناً من عمره ووجع الضياع يفتك به ويسلبه الأمان: “واحتاج الأمر إلى ثلاثين سنة من الغرق في الكتب وآلاف الليالي من الخلوة والتأمل والحوار مع النفس وإعادة النظر ثم إعادة النظر في إعادة النظر.. ثم تقليب الفكر على كل وجه لأقطع فيه الطريق الشائكة من الله والإنسان إلى لغز الحياة إلى لغز الموت إلى ما أكتب من كلمات على درب اليقين.
لم يكن الأمر سهلاً.. لأني لم أشأ أن آخذ الأمر مأخذاً سهلاً، ولو أني أصغيت إلى صوت الفطرة وتركت البداهة تقودني لأعفيت نفسي من عناء الجدل.. ولقادتني الفطرة إلى الله.. ولكنني جئت في زمن تعقد فيه كل شيء وضعف صوت الفطرة حتى صار همسًا، وارتفع صوت العقل حتى صار لجاجة وغرورًا واعتدادًا.. والعقل معذور في إسرافه إذ يرى نفسه واقفاً على هرم هائل من المنجزات.. فتصور نفسه القادر على كل شيء وزج نفسه في كل شيء وأقام نفسه حاكمًا على ما يعلم وما لا يعلم”.
وسبحان مَن يغير القلوب ويهدي مَن يشاء إلى صراط مستقيم، فقد كان مصطفى محمود يحارب الدين بالعلم، ويقارعه بالفلسفة، وحين انبثقت الفطرة السوية وزال عنها الغبش فها هو يقول: “إن الله الخالق العادل الملهـِم الذي خلق مخلوقاته وألهمها الطريق.. هو مبدأ أولي يصل إليه العقل دون إجهاد. وتوحي به الفطرة بداهة، وإنما الافتعال كل الافتعال.. هو القول بغير ذلك، والإنكار يحتاج إلى الجهد كل الجهد وإلى الالتفاف والدوران واللجاجة والجدل العقيم ثم نهايته إلى التهافت.. لأنه لا يقوم على أساس.. ولأنه يدخل في باب المكابرة والعناد أكثر مما يدخل في باب التأمل المحايد النزيه والفطرة السوية، وهذا ما قالته لي رحلتي الفكرية الطويلة.. من بدايتها المزهوة في كتاب ((الله والإنسان)) إلى وقفتها الخاشعة على أبواب القرآن والتوراة والإنجيل”.
وفي هذا الطريق هناك العديد من الشبه التي تغذي السير فيه، وتزرع التذبذب، بدت لمصطفى محمود في رحلته، وبعد أن تجلت أنوار الحقيقة إذا هو ينقض هذه المزاعم ويفندها.
فها هو يبطل دعامة من أكبر دعائم هذا الطريق، وجسر عبره الكثيرون للوصول إلى هذه المرحلة من الشك والإلحاد، إنه القول بـ”أزلية الوجود” والفلسفات المنطوية على هذا المعنى، فيقول: “أما القول بأزلية الوجود لأن العدم معدوم والوجود موجود، فهو جدل لفظي لا يقوم إلا على اللعب بالألفاظ، والعدم في واقع الأمر غير معدوم، وقيام العدم في التصور والفكر ينفي كونه معدوماً.. ويقول: “ولو كان الكون أزليًا بدون ابتداء لكان التبادل الحراري قد توقف في تلك الآباد الطويلة المتاحة وبالتالي لتوقفت كل صور الحياة.. ولبردت النجوم وصارت بدرجة حرارة الصقيع والخواء حولها وانتهى كلُّ شيء، إن هذا القانون هو ذاته دليل على أن الكون كان له بدء”.
ومن الشبه التي تثار كثيرًا ويتعلق بها السائرون في غياهب الإلحاد والشك، وينثرونها لتعزز اتجاههم وتدعم موقفهم ويظهرون أنهم على الحق هي: لماذا العذاب؟!
وها هو الدكتور مصطفى محمود يحكي من خلال رحلته نظرته لهذا الجانب: “المثقفون لهم اعتراض تقليدي على مسألة البعث والعقاب, فهم يقولون: كيف يعذبنا الله والله محبة؟ و ينسى الواحد منهم أنه قد يحب ابنه كل الحب ومع ذلك يعاقبه بالضرب والحرمان من المصروف والتأديب والتعنيف.. وكلما ازداد حبه لابنه كلما ازداد اهتمامه بتأديبه.. ولو أنه تهاون في تربيته لاتّهمه الناس في حبه لابنه ولقالوا عنه إنه أب مهمل لا يرعى أبناءه الرعاية الكافية.. فما بال الرب وهو المربي الأعظم.. وكلمة الرب مشتقة من التربية، والواقع أن عبارة ((الله محبة)) عبارة فضفاضة يسيء الكثيرون فهمها ويحملونها معنىً مطلقاً.. ويتصورون أن الله محبة على الإطلاق.. وهذا غير صحيح، فهل الله يحب الظلم مثلاً؟ مستحيل.. مستحيل أن يحب الله الظلم والظالمين.. وأن يستوي في نظره ظالم ومظلوم”.
والصدفة من أهم مرتكزات الفكر الإلحادي التي يُفسر وجود العالم بها وأن هذا العالم هو نتاج للصدفة، ثم بسلسلة من المصادفات تسير الحياة. وها هو مصطفى محمود بعد أن أبصر نور الحقيقة، وعلم أن هذا الكلام لا يقبله عاقل، ولم يبن على علم صحيح، فهو يصف مظاهر الحياة والنظام البديع فيها، ويتساءل كيف يكون سيرها بهذا النظام والإحكام والدقة صدفة؟! فيقول: “وإذا سلمنا بصدفة واحدة في البداية. فكيف يقبل العقل سلسلة متلاحقة من المصادفات والخبطات العشوائية، إنها السذاجة بعينها التي لا تحدث إلا في الأفلام الهزلية الرخيصة؟”.
ومما يتشدق به المتعلقون بهذا الوهم أن وجود الإله ينافي العلم، وأن العلم ينافي المحسوسات فأين الله حتى نؤمن به؟!
فيقول مصطفى محمود نافياً هذا الزعم ومبطلاً هذه الفرية: “إن نصف العلم الآن أصبح غيباً، العلم يلاحظ ويدون الملاحظات.. ثم يقول: نحن في عصر العلم الغيبي.. والضرب في متاهات الفروض، وليس للعلم الآن أن يحتج على الغيبيات بعد أن غرق إلى أذنيه في الغيبيات، وأولى بنا أن نؤمن بعالم الغيب. خالقنا البر الكريم. الذي نرى آثاره في كل لمحة عين وكل نبضة قلب وكل سبحة تأمل، هذا أمر أولى بنا من الغرق في الفروض”.
وهو يسير هنا إلى ما وصل إليه العلم من الحديث عن عالم الذرة وجسيمات ما دون الذرة والتي يستدل عليها بآثارها وكتلتها وسلوكياتها وهو لم يرها بعينه قط !! ويذكر مصطفى محمود أن العلم الحقيقي لم يكن يوما مناقضاً للدين، وأن السبب في وقوع الشبهات هو القصور في العلم والاعتداد بالعقل: “إن العلم الحق لم يكن أبدًا مناقضًا للدين بل إنه دال عليه مؤكد بمعناه، وإنما (نصف العلم) هو الذي يوقع العقل في الشبهة والشك.. وبخاصة إن كان ذلك العقل مزهوًا بنفسه معتدّاً بعقلانيته.. وبخاصة إذا دارت المعركة في عصر يتصور فيه العقل أنه كلّ شيء.. وإذا حاصرت الإنسان شواهد حضارة ماديّة صارخة تزأر فيها الطائرات وسفن الفضاء والأقمار الصناعيّة.. هاتفةً كلّ لحظة، أنا المادة، أنا كل شيء”.
ويحكي مصطفى محمود حقيقة عظمى وهي: “لا تعارض بين الدين والعلم، لأن الدين في ذاته مُنتهى العلم المشتمل بالضرورة على جميع لعلوم، والدين ضروري ومطلوب لأنه هو الذي يرسم للعلوم الصغيرة غاياتها وأهدافها ويضع لها وظائفها السليمة في إطار الحياة المثلى، الدين هو الذي يقيم الضمير، والضمير بدوره يختار للطاقة الذرية وظيفة بناءة.. ولا يلقى بها دماراً وموتاً على الأبرياء”.
إن العقل -ومهما بلغ مبلغه في الإنسان- إذا نأى بصاحبه عن الطريق المستقيم فلن يجد في قلبه مستراحًا، فسبحان مقلب القلوب، فحينما أراد الله لمصطفى محمود سلوك الطريق المستقيم، صار يتعجب ممَن يطلب برهاناً لوجود الله رغم أن هذا كان شأنه في بداية طريقه، ولكن بعد أن تجلت له أنوار الهداية أصبح يقول وبكل ثقة: “والعجب كل العجب لمَن يسألنا عن برهان على وجود الله.. على وجود الحق.. وهو نازع إليه بكليته مشغوف به بجماع قلبه، وكيف يكون موضع شك مَن هو مَطلب كل القلوب ومَهوى جميع الأفئدة وهدف جميع البصائر؟ كيف نشك في وجوده وهو مستول على كل مشاعرنا؟ كيف نشك في الحق ونطلب عليه دليلاً من الباطل؟ كيف ننزلق مع المنطق المراوغ إلى هذه الدرجة من التناقض فنجعل مِن لب الوجود وحقيقة حقائقه محل سؤال؟ إني لا أجد نصيحة أثمن من أن أقول: ليعُد كل منا إلى فطرته.. ليعُد إلى بكارته وعذريته التي لم تدنسها لفلفات المنطق ومراوغات العقل، ليعُد كل منا إلى قلبه في ساعة خلوة، وليسأل قلبه، وسوف يدله قلبه على كل شيء، فقد أودع الله في قلوبنا تلك البوصلة التي لا تخطئ.. والتي اسمها الفطرة والبداهة، وهي فطرة لا تقبل التبديل ولا التشويه (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ)”.
ونختم هذه الرحلة بعبارات جميلة نابعة من قلب أرهقته الرحلة فاستقر أخيراً، فها هو مصطفى محمود يحكي العلاقة بين الخلق والخالق، يحكي الصلة بين الله سبحانه وتعالى وبين مخلوقاته وتعامله معها فيقول: “والصلة دائمًا معقودة بين هذا الخالق ومخلوقاته فهو أقرب إليها من دمها الذي يجري فيها، وهو المبدع الذي أظهر الإبداع في هذه المعزوفة الكونية الرائعة، وهو العادل الذي أحكم قوانينها وأقامها على نواميس دقيقة لا تخطئ، وهكذا قدم لي العلم الفكرة الإسلامية الكاملة عن الله”.
المراجع:
– دكتور مصطفى محمود، رحلتي من الشك إلى الإيمان، طبعة دار المعارف المصرية.
– دكتور مصطفى محمود، كتاب حوار مع صديقي الملحد، طبعة دار المعارف المصرية.