الكتب
دارون ونظرية التطور
هدم نظرية التطور في عشرين سؤالا
أصل الإنسان
الإعجاز الإلهي في خلق الإنسان وتفنيد نظرية داروين
الإنسان مخلوق لا مصادفة
إنسان المؤمنين وإنسان الملحدين رداً على نظرية دارون
حقيقة الخلق ونظرية التطور
الحجج العصماء في نقض نظرية داروين في النشوء والإرتقاء
بطلان نظرية داروين
سقوط نظرية دارون
المرأة بين الداروينية والإلحاد
قضية الخلق من الوحي إلى دارون
٤٠ خطأ في نظرية التطور
الإسلام ونظرية داروين
الأمم الائدة، نقض دارون والداروينية
الداروينية المتأسلمة أزمة منهج
تهافت نظرية دارون في التطور أمام العلم الحديث
حوار بين مدرس ملحد وتلميذ مسلم
الحلقة المفقودة، الكشف عن الأصل البشري الأول
هل قال علماء المسلمون القدامى بالتطور
خواطر حول فيلم وثائقي عن نظرية التطور
نقد فلسفة دارون
المرئيات
نقد الداروينية من قبل علي عزت بيغوفيتش
الداروينية عرض ونقد
حوار مع داروين
ما هي نظرية التطور؟
التطور الموجه
البيولوجي الملحد (داوكنز) يهدم التطور
الجانب المظلم لتشارلز داروين
العلاقة بين نظرية التطور والإلحاد
أثر نظرية التطور الداروينية
تحطيم وهدم نظرية التطور بالأدلة العلمية
تعريف ومعنى التطور المتعارض مع الدين
كتاب- معركة التطور لماذا اختلفوا؟
كتاب من داروين إلى هتلر
هل داروين هو أول من تفرد بالتطور؟
هل ينحدر الإنسان من القردة؟
كيف الغت النظرة التطورية للعقل التفكير في التطور نفسه؟
هل أخطأ داروين في نظرياته بشأن خلق الكون؟
هل ستستمر نظرية التطور في لعب دورها تجاه العولمة؟
داوكنز والحل الدارويني
التطور حقيقة علمية ولكن أي تطور؟
هل فشلت نظرية داروين؟
شك دارون هل استطاع دارون تفسير كل شيء؟!
نظرية التطور والإيمان بالغيب هل الملاحدة لا يؤمنون بالغيب؟!
بقرة تتحول إلى حوت !!
لقاء لمايكل بيهي عن ثغرات التطور
تروس بأقدام الحشرات – وطفرات الهدم
الطفرات المفيدة أغلبها هدم وليست بناء – عكس مطلوب التطور
كيف يهرب التطوريون من طفرات الهدم والتهدور ؟
التطور الدارويني عاجز عن ظهور الأنواع الجديدة
دوجما التطور الذي لا يهدمه الدليل وعكسه !!
العلم والتطور والمادية – اتبع الدليل حيث يقودك
السخرية من فصل الخالق عن التدخل في الخلق
السوط البكتيري يسبق الحاقن البكتيري
هل تم خلق خلية في المعمل ؟
احذر إعلام التطور
جدال التصميم
ماذا يقول التطور الدارويني ؟
التصميم الذكي يتحدى عشوائية التطور
أدلة التصميم الذكي
السوط البكتيري
هل التصميم الذكي ديني ؟
الاعتراضات العلمية
الاعتراضات المفاهيمية
الاعتراضات القانونية
الشيفرة الوراثية والبروتينات
معجزة المعلومات
حل لغز الـ DNA
أفلاطون وأرسطو والتطور
الجاحظ وإخوان الصفا وابن خلدون والتطور
التكيف لا يؤدي للتطور
هل تأتي الطفرات العشوائية بجين جديد
هل يأتي الانتخاب الطبيعي بتطور ؟
هل لا يوجد إرهاب تطوري ؟
مشكلة الحفريات ؟
التيكتاليك بين الأسماك والبر ؟
الأركيوبتريكس ديناصور طائر ؟
هل الإنسان من سلف القرود ؟
مَن الذي يدلس على مَن ؟
التشابهات الجينية دليل تطور ؟
هل الكروموسوم 2 دليل تطور ؟
تشابه الأعضاء
إبداع العشوائية !
الشيخ حسين الجسر والتطور ؟
الشيخ القرضاوي والتطور ؟
هل في التفاسير أشباه البشر؟
هل في التفاسير أشباه البشر؟
الرد على الحلقة الأخيرة
لماذا لا ينكر أكثر العلماء خرافة التطور ؟
طرد بروفيسور الأحياء التطورية ريتشارد سترينبرج
طرد دكتورة الأحياء كارولين كروكر
دكتور الأعصاب مايكل إجنور – وبروفيسور الهندسة روبرت ماركس
اضطهاد دكتور الفلك جيليرمو جونزاليس
لقاءات منوعة
مطرودون غير مسموح بالذكاء
وثائقي بالأدلة انهيار نظرية التطور وحقيقة الخلق
المقدمة
بدايات التطور الداروينية هدمها العلم
الخلية الحية الواحدة تهدم خرافة التطور
الخلية الحية الواحدة تهدم خرافة التطور
الحمض النووي DNA يهدم خرافة التطور
فاصل بصري لمشاهدة بعض إبداعات الخالق
فرضيات الانتخاب الطبيعي والطفرات تفشل علميا
الصفات المكتسبة من البيئة لا تورث
عجز الطفرات العشوائية يهدم خرافة التطور
العجز عن إيجاد حفريات انتقالية يهدم خرافة التطور
الظهور المفاجيء لحفريات الكائنات وثباتها يهدم خرافة التطور
مسلسل الأمثلة الخاطئة في خرافة التطور لا ينتهي!
لا يمكن الانتقال بين الزواحف والطيور والزواحف والثدييات !
كيف يزور التطوريون أدلتهم في خرافة تطور الإنسان ؟
فضائح التطوريين في تزوير أدلة تطور الإنسان من قرد
ديفيد بيرلنسكي مفكر عنيد يتحدى الداروينية
أكبر العلماء يسخرون من خرافة التطور
خرافة التطور لا تصلح حتى كنظرية
كيف تتحول بقرة إلى حوت ؟!
هل التشابه دليل سلف مشترك أم لا ؟
لماذا لم تهدم الطفرات العشوائية الكائنات الحية ؟
خرافة التطور المضحكة والصدفة الحمقاء
أقوى مثال لفضح خرافة التطور
خرافة التطوريين مع العلم ذاتي النقد
العلماء ينتفعون بخرافة التطور : علاقة ماركسية
العلم التجريبي ليس كما يظن البعض
متى يُستخدم أسلوب التهكم والسخرية ؟
هل ستعترض على التعليم إذا رأيت أنه خطأ ؟
هل قال أفلاطون وأرسطو تحديدا بالتطور ؟
هل قال الجاحظ وإخوان الصفا وابن خلدون بالتطور ؟
هل التأقلم يأتي بصفة أو عضو ليس من أصل الكائن ؟
هل يمكن أن تأتي الطفرات بجين كامل جديد ؟
هل هناك انتخاب طبيعي يأتي بجنس أو عضو جديد ؟
هل لا يوجد إرهاب تطوري في الغرب لفرض التطور ؟
لماذا ظهرت فرضية التوازن المتقطع عند التطوريين ؟
هل التيكتاليك فعلاً هي حلقة الانتقال بين الأسماك والبر ؟
هل الأركيوبتريكس فعلاً الحلقة الانتقالية للطيور ؟
هل تطور الإنسان بالفعل من سلف القرود ؟
وقفة مع ردود الدكتور علينا : هل صح بالفعل ؟
هل التشابهات الجينية دليل حقيقي بالفعل على التطور ؟
هل الكروموسوم 2 في الإنسان هو ملتحم ؟
هل مقارنة الأعضاء فعلا تدل على تقارب تطوري ؟
كيف يقنع مسلم ملحدا بأن العشوائية لا تخلق ؟
هل يرى الشيخ حسين الجسر أي توافق بين القرآن والتطور ؟
هل يمكن التوفيق بين الإسلام ونظرية التطور
نريد رواية واحدة في أي تفسير معروف عن أشباه البشر؟
الرد على الحلقة 58 عن التطور
أقوى 3 أدلة على نظرية التطور!
أفضل كتاب في نقد الداروينية
اعتراف فيل كنجريخ مكتشف الحلقة الوسيطة لتطور الحوت بأنها لم يكن لها زعانف
اعطني دليلا واحدا على التطور – لا يوجد ؟!!
الإنسان لا يعيش في الماء والصحراء والسيانوبكتيريا هي السوط البكتيري!
التحديات الرياضياتية لتفسير الداروينية الحديثة للتطور
التخفي والتمويه في الكائنات الحية ينسفان خرافات التطور
التطور لا يصلح حتى نظرية علمية فضلا عن وصفه بأنه حقيقة
التعليق على مناظرات أحمد سامي
انقراض 99% من الأنواع التي عاشت على الأرض!
التطور ينسف الضبط الدقيق!
التطوري جيري كوين صاحب كتاب لماذا التطور حقيقة ومعضلة نشأة الحياة والخلية الأولى
الجانك جين أو الجينات الخردة ونفاق التطوريين وريتشارد دوكينز
الجزء الأول من حقيقة نظرية التطور
الجزء الثاني من حقيقة نظرية التطور
الرد على أكاذيب عدنان إبراهيم والتطور
هل توجد أخطاء في جسم الإنسان والحيوان
المضادات الحيوية | الطب الدارويني
الوثائقي: من ضفدع إلى أمير
الملحد التطوري ريتشارد دوكينز يكشف أخيرا كيف ظهرت صفة الكلام عند البشر ..!
أقوى فيديو لنسف خرافة التطور .. لا عذر لأحد بعد ذلك
تحول الإنسان والسيارة – التطور والتلاعب بالجرافيك
تقنية كريسبر RISPR في التعديل الوراثي والجيني
نقد الداروينية – 1 نشأة الحياة
نقد الداروينية – 2 مفهوم التطور
نقد الداروينية – 3 سجل الحفريات
نقد الداروينية – 4 التعقيد غير القابل للاختزال
نقد الداروينية – 5 تشابه الكائنات الحية
نقد الداروينية – 6 الغرائز الفطرية
ما هو سبب التشابه بين الكائنات الحية
خرافة التطور : مزحة رياضية
خرافة تطور الحوت – الملحمة المستحيلة
دوكينز يقول: أنا قرد ، هل أنت قرد ؟ والقس يرد: لا ، أنا إنسان
مصطفى محمود يبين موقفه من دارون ومن تطور الانسان والقرود من سلف مشترك.
ريتشارد دوكينز يعجز عن مثال طفرة إضافة واحدة مفيدة
هل التشابه بين الكائنات الحية دليل على الاصل المشترك؟؟
مقدمة في البيولوجيا الجزيئية
محاولة للفهم
أربعة مصطلحات مهمة – الجزء الأول
أربعة مصطلحات مهمة – الجزء الثاني
الطب الدارويني
فراغات شجرة التطور الخرافية التي لم يملأها أحد
وهم التشابه الجيني بين الإنسان والشيمبانزي
فشل الانتقاء الطبيعي والطفرات العشوائية في التطور
أكذوبة الحفريات المتدرجة التي تثبت خرافة التطور
غش وخداع التطوريين لإثبات تطور الإنسان من سلف أشبه بالقرود
أمثلة على أكاذيب التطوريين لإثبات تطور الإنسان من سلف القرود
كتاب أصل الأنواع لداروين في الميزان
كريج فينتر التطوري يعترف بأن شجرة التطور المزعومة خيالات !!
لا مجال للتلفيق بين الإسلام ونظرية داروين في نشأة آدم
لقاء المجموعة مع البروفيسور مايكل بيهي حول التطور
مبرهنة القرد اللامتناهية
خرافة تطور الحوت مع حفرية الروديسيتوس واعتراف فيل كنجريخ
مشكلة داروين والعقل مع خرافة التطور
مقاومة المضادات الحيوية | الطب الدارويني
نسف خرافة التطور في 5 دقائق فقط
هل تعالج نظرية التطور البشر؟ | الطب الدارويني
هل قال داروين أن الإنسان أصله قرد ؟؟
هل يمكن أن تتطور الكائنات الحية من نوع إلى نوع آخر ؟
هل يمكن أن ينشأ نظام من العشوائية ؟
وجود الغرائز في الكائنات الحية يبطل نظرية التطور
4 مصطلحات مهمة في فهم نظرية التطور
الفرق بين التطور الصغير والتطور الكبير
ما معنى حفرية ؟ وما المقصود بسجل الحفريات ؟
يزعم أنصار نظرية التطور أن سجل الحفريات يؤيد نظريتهم ، لكن الحقيقة بخلاف ذلك ، لماذا ؟
سمات سجل الحفريات
كيف وضع داروين نظريته في التطور على خلاف الدليل
ما هو الإنفجار الكامبري
ما هو تفسير غياب الكائنات الإنتقالية من سجل الحفريات
النزاع حول تشريع الإجهاض وعلاقته بنظرية التطور
هل نظرية التطور حقيقة علمية قطعية
هل ينفي الإسلام تطور سائر المخلوقات خلاف الإنسان ؟
7 أخطاء علمية في نظرية التطور
أصل الإنسان قرد؟!
المقالات
حول نظرية التطور
تنبيه: المقصود هنا هو التطور الماكروي (الكبروي) بين الأنواع، أما التطور المايكروي (الصغروي) داخل النوع الواحد فهو مثبت علميا ولا إشكال فيه.
هواة التطور
على كثرة ما يُطرح من مواضيع لنقض التطور والداروينية من منظور علمي بحت، وما يضاف لهذا الطرح من تحدٍّ موجّه لأدعياء العلم الذين يعتبرون التطور حقيقة علمية، وعلى كثرة ما نطالبهم بدليل علمي يثبت صحة التطور بشروط الأدلة العلمية المعيارية المعروفة عند العلماء (دليل قابل للدحض، وقابل للرصد والملاحظة، وقابل للتجربة وقابل للتكرار)، ولكن لا توجد إجابة!
كل ما هنالك من ردود هو الاتهام بعدم فهم النظرية! وكأنها نظرية باطنية غامضة تكتنفها الأسرار، ويجب أن يؤمن بها الجميع ولا يفهمها إلا النخبة.. أي منطق علمي هذا؟
ما نطالب به هو دليل علمي يثبت حدوث التطور بين الأنواع.. هذا هو المطلوب بكل وضوح! ليس هناك ما يثير أو يستدعي الغضب وتوزيع الاتهامات..
التطوري ببساطة يدعي أن النظرية حقيقة، وعندما تطالبه بالدليل يجيبك: وما الدليل على عدم صحة النظرية؟
هذه العقلية في الإثبات تذكرنا بعقلية جحا عندما نظر إلى السماء وقال إن عدد النجوم 56256 نجمة، فلما طالبوه بالدليل أجابهم: ها هي السماء فوقكم، عدوا النجوم بأنفسكم وأثبتوا أنني على خطأ!
فلا تكن أيها التطوري مثل جحا؛ تدعي صحة النظرية بلا دليل ثم تطالبني بدليل ينقضها.. والمبدأ عند أهل الأصول هو أن البينة على المدعي وليست على من أنكر، أي أن عبء الإثبات يقع على صاحب الدعوى.
النظرية تُدرّس في الجامعات
أحيانا نصادف شخصا تطوريا لا يعرف شيئا عن الدليل العلمي، فيستدل على صحة التطور بأن النظرية تُدرّس في الجامعات العالمية.. وهو يظن أن مجرد تدريسها يعد دليلا علميا! ولو أن باحثا فعل ذلك لصار أضحوكة بين زملائه.. فماذا عن الهندوسية والزرادشتية التي تُدرس في الجامعات العالمية؟ هل نعتبر ذلك دليلا على صحتها؟
قدّم ورقة علمية واهدم النظرية
كثيرا ما ترى الرد على انتقاد النظرية بعبارة “قدم ورقة علمية واهدم النظرية وخذ جائزة نوبل!” والحاصل أن المنهجية العلمية لا تعمل بهذه الطريقة لسببين: الأول، أننا في مرحلة المطالبة بالدليل العلمي على صحة النظرية، فلا معنى للسعي لهدم نظرية لم تثبت بعد. والثاني هو أن الأوراق العلمية لها معايير معروفة في البحث العلمي، فهي مقيدة من ناحية حجم البحث وطريقته ومنهجيته ونطاقه بحيث لا يتطرق إلا إلى جزئية محددة.
حجة المجتمع العلمي
قد يقول التطوري إن نظرية التطور حقيقة علمية لأن المجتمع العلمي يقبلها! وهنا تستطيع أن تميز بين من يعرف الدليل العلمي بشروطه التي ذكرناها قبل قليل وبين من يمارس بقصد أو بغير قصد مغالطة الاستدلال بالسلطة (appeal to authority)، وهو هنا الاستدلال برأي شخص لأنه من السلطة العلمية رغم أن ذلك الشخص لا دليل لديه يقدمه لإثبات رأيه.
هناك أمثلة واضحة تثبت خطأ الاستدلال برأي المجتمع العلمي واعتباره دليلا علميا، فقد آمن المجتمع العلمي خلال فترات ماضية بنظريات وأفكار مختلفة، وربما اعتبرها العلماء من المسلمات، ولكن ثبت بطلانها فيما بعد.. إليك بعضا منها:
الفلوجستون
في بداية القرن الثامن عشر كان المجتمع العلمي يعتقد أن هناك عنصرا موجودا في المواد القابلة للاشتعال، وهو الذي يؤدي إلى الاشتعال، وأسموه (الفلوجستون)، واستمر هذا الاعتقاد حتى أسقطه لافوازييه في القرن الثامن عشر وأثبت خطأه.
التولد الذاتي
ساد الإجماع بين العلماء على صحة مبدأ التولد الذاتي، وهو نشوء الكائنات ذاتيا، كالبكتريا والديدان والضفادع، ثم أسقطه فيما بعد العالم الكيميائي الفرنسي باستور وأثبت خطأه في القرن التاسع عشر.
أزلية الكون
كان هناك إجماع بين العلماء على أزلية الكون، أي أن الكون ليس له بداية، ثم أسقط هذا الإجماع العالم البلجيكي لوميتر وأثبت خطأه في بداية القرن العشرين عن طريق إثبات تمدد الكون، الذي سماه فريد هويل فيما بعد بالانفجار العظيم.
الصفحة البيضاء
كان الاعتقاد السائد أن الإنسان عند ولادته يكون معرفيا كالصفحة البيضاء Tabula Rasa، أي أن الأفراد يولدون دون محتوى معرفي عقلي سابق، وأن كل المعرفة تأتي عن طريق التجربة أو الإدراك. وقد ثبت علميا بطلان هذه النظرية، وأورد الباحث Steven Pinker في كتابه الشهير ما يدحض هذه النظرية، وكذلك نقضها لغويا العالم تشومسكي.
نظرية الأثير
الأثير Aether هو مادة كان يُعتقد أنها تملأ الفضاء الكوني، وكان الداعي لهذا الاعتقاد هو التفسير القائل أن الضوء لا يسير في الفراغ. ثم أثبتت تجارب ألبرت ميكلسون وإدوارد مورلي في أواخر القرن التاسع عشر أن الكرة الأرضية لا تتحرك خلال الأثير. وفي عام 1905 نشر ألبرت أينشتاين نظريته الخاصة في النسبية التي توضح سلوك الضوء وأنه لا يعتمد على وجود الأثير.
فهل يجرؤ التطوري الذي يحتج بالإجماع العلمي أن يأخذ بصحة تلك الإجماعات العلمية التي ثبت خطؤها؟ بالطبع لا.. فإثبات الأمر بدليل علمي يعني بالضرورة أن صحة هذا الأمر غير قابلة أصلا للنقاش. ولذلك عندما يستدل التطوري بالإجماع العلمي فإن عليه أن يؤمن أيضا بالفولوجستون وأزلية الكون والتولد الذاتي والصفحة البيضاء والأثير، أو أن يقبل أن التطور نظرية قابلة للخطأ، وإلا فإن لديه ازدواجية لا يقبلها المنهج العلمي في معياره الذي يستخدمه للإثبات.
والاستدلال بحجية إجماع العلماء يلزم منه التناقض والدحض الذاتي، وذلك أنهم حين أجمعوا على أمر ما في زمن ما ثم أجمعوا على خلافه كان إجماعهم حقا وباطلا في نفس الوقت، وهذا تناقض، ومعناه عند التدقيق أنهم أجمعوا على أن إجماعهم السابق خطأ، فإجماعهم ينقض إجماعهم ويبطل حجيته. وهذه الازدواجية تشير إلى أن استدلال التطوري بالإجماع العلمي هو استدلال “مضروب”، وأنه صاحب هوى.
ليس هناك إجماع
نحن ندعو إلى التمسك بالدليل العلمي المعياري بشروطه المعتبرة فقط، وهذا بالطبع لا يعني أن الإجماع العلمي لا قيمة له، فهو قرينة لكنه يظل بعيدا عن اعتباره دليلا علميا، مع أنه لا يوجد إجماع علمي أصلا على صحة التطور، فآلاف العلماء يشككون فيه، ونظرية الخلق تُدرس في جامعات أمريكية مثل:
* Briyan College * Azusa Calvin * Bob Jones University * The Center for Theology and the Natural Sciences
والتطوري قد لا يعترف بهذه الجهات العلمية غير التطورية، لأن التطور صار عنده عقيدة لا يجوز الاقتراب منها، مع أن في تلك الكليات والجامعات أساتذة كبارا من جميع التخصصات. ومن يتهم تلك الجهات العلمية بأنها أيديولوجية يكون الرد عليه بالمثل؛ فالجهات الداروينية تنطلق أيضا من توجهات أيديولوجية لا تقوم على الدليل العلمي! فقد اعترف سكوت تود في مجلة Nature قائلا: “حتى لو أشارت جميع البيانات إلى وجود مصمم حكيم فإن هذه الفرضية تستبعد من العلوم لأنها لا توافق التفسير الطبيعي.” وكما قال الدارويني الشهير آرثر كيث- وكان صريحا: “التطور غير مثبت ولا يمكن إثباته، ولكننا نؤمن به لأن البديل هو الخلق، وهذا أمر لا يمكن حتى التفكير فيه.”
حجة “ملايين السنين”
أما الفاهم من التطوريين فهو من يقول إن التطور يحتاج إلى ملايين السنين، ولهذا لا يمكن ملاحظته أو رصده أو إثباته علميا! هذا هو الفاهم، لكن من الواضح أنه ينقصه بعض الفهم.. فهو في الحقيقة يقول إن التطور حقيقة علمية ولكنها حقيقة لا يمكن إثباتها! هذا يسمى إيمانا دوغماتيا أعمى، والإيمان الأعمى هو السائد عند التطوريين بكل وضوح، وعلامته الحماس الزائد المحموم للاعتقاد بأن التطور حقيقة علمية مع الفشل في إيجاد الدليل العلمي.
الفهم الانقيادي
وهناك صفة نفسية خطيرة تلاحظها عند بعض المتحمسين للنظرية، وهي صفة الانقيادية؛ فما إن يستمع إلى مقطع الدكتور فلان حتى يسلم عقله له، مع أن الموقف الصحيح هو التحقق من الأدلة بغض النظر عن مجرد الأقوال، فهذا الذي تستشهد بقوله إنسان لا يخلو من الميول والرغبات، وقد تكون عنده أخطاء فادحة في الاستدلال.. ومثل هؤلاء الانقياديين نقدم لهم هذه الصفحة التي فيها حوالي ألف عالم ومتخصص من حملة الدكتوراه في مختلف الميادين العلمية، وكلهم يشككون بصحة الداروينية.
بقي أن يجيبك التطوري قائلا: “التطور حقيقة وهناك أدلة تثبت صحته، فاذهب إلى قوقل وابحث عن تلك الأدلة بنفسك فأنا لست متخصصا!” وهذا واضح أنه كلف على نفسه كثيرا في الإثبات..
هل الأحافير دليل؟
غير أن أقوى الأدلة التي يحتج بها التطوريون هو الاستدلال بالأحافير والمتحجرات على تسلسل الأنواع بعضها من بعض.. غير أن احتجاجهم هذا قائم على التباس بين الفرضية والحقيقة العلمية.
ربط المتحجرات والأحافير أمر مخادع كثيرا، اعتمد عليه التطوريون كثيرا في تسويق التطور، ولكن عند التدقيق في الأمر فإن الربط بين تلك الأحافير بسلسلة التطور لم يقم على أساس علمي، أي أنه لا يوجد رابط بين الأحفورتين المتشابهتين سوى رابط واحد: هو الافتراض المسبق بوجود التطور وبالتالي الافتراض بأن هذه الأحفورة سلف لتلك الأخرى.. وعلى هذا فإن دحض هذا الافتراض لا يقوم إلا على عدم التشابه نهائيا بين أية مفردات من تلك الملايين الكثيرة من الأحافير والكائنات، وهو أمر محال بالطبع.
أضف إلى ذلك أن هذا الاستدلال فيه ثغرة قاتلة، وهي أن النتيجة المطلوبة (التطور) استخدمت كأساس للاستدلال، أي أنك تستدل على النظرية بنفسها. ولو لم تكن في ذهن الباحث أية فكرة عن التطور لما استطاع توزيع هذه الأحافير أو الكائنات المتنوعة والمختلفة ليحصل منها على تسلسل يخدم التطور. ولا معنى للادعاء بوجود التسلسل الزمني بين أحافير الكائنات البسيطة وأحافير الكائنات المعقدة، فهناك أحافير كائنات معقدة انقرضت منذ ملايين السنين كالديناصورات، بينما توجد كائنات بسيطة لا زالت تعيش على سطح الأرض.
لن نتطرق إلى ظواهر التكيف والتطور داخل النوع الواحد، كمقاومة البكتريا للمضادات واختلاف مناقير الطيور حسب البيئة.. الخ، فهذه تدخل في التطور داخل النوع الواحد، وهو مثبت علميا ومقبول كما أوضحت في التنبيه أعلى الصفحة، وشتان بين التطور داخل النوع الواحد (micro-evolution) والتطور بين الأنواع (macro-evolution).
ثغرات هائلة
إن من يتأمل النظرية سيرى فيها ثغرات هائلة يصفها هذا البروفيسور بأنها تتسع لمرور الشاحنات! فالنظرية تفترض أن التطور يحصل بين الكائنات من الأنواع البسيطة صعودا إلى الأنواع المعقدة، وهذا التطور يفترض أن لا يكون فيه أية فجوات، فهو تطور بطيء جدا عبر ملايين الكائنات الانتقالية، بينما الأحافير فيها فجوات كبيرة جدا وحلقات مفقودة.. بل كيف تكونت الأحواض الجينية؟ ولماذا لا توجد أحافير لكائنات خارج الأحواض الجينية؟
ويكفي لدحض النظرية تأمل الأجهزة الحيوية في الجسم وكيف تعمل.. كيف تطور الجهاز البولي مثلا؟ هو جهاز متكامل لا يؤدي دوره إلا بعمل جميع أجزائه، فلا يمكن أن تعمل الكلية دون المثانة مثلا.. فهل جاءت طفرة لتكوين الكلية وبقيت الكلية دون عمل إلى أن جاءت طفرة أخرى لتكوين المثانة؟ وكيف بقيت الكلية زائدة لملايين السنين دون وظيفة فإذا اكتمل الجهاز البولي بدأت بالعمل بشكل دقيق وسليم؟ أم أن الأجزاء في ذلك الجهاز جاءت كلها في طفرة واحدة؟ بل إن الجهاز الدوري للدم متكامل أيضا مع الجهاز البولي، فلا يعمل أحدهما من دون الآخر، فأيهما جاء قبل الآخر؟ أم جاء الاثنان أيضا بطفرة واحدة؟ وماذا عن الجهاز التنفسي؟ هل يمكن للجهاز الدوري أن يعمل دون الجهاز التنفسي أيضا؟ وماذا عن الجهاز الهضمي والجهاز العصبي وبقية الأجهزة الحيوية في الجسم؟ كيف ظهرت في طفرات مختلفة إذا كان كل جهاز منها لا يقوم أبدا إلا بوجود الجهاز الآخر؟
وعندما يكون الحديث عن الأجهزة الحيوية في الكائنات المعقدة وكيف تطورت عن الكائنات البسيطة التي لا تملك تلك الأجهزة الحيوية فإن التطوري يتعسف كثيرا في استخدام خياله لاختلاق سيناريوهات تطورية غريبة، كالادعاء بأن حاسة البصر بدأت بأجزاء من البشرة حساسة للضوء! كيف تكون البشرة حساسة للضوء ويحصل الوعي بوجود الضوء دون ربط هذه البشرة بأعصاب من نوع خاص تنقل البيانات الضوئية إلى الجهاز العصبي ثم إلى الدماغ.. الخ؟
لا تتعجب عندما تطرح على التطوري مثل هذه الثغرات فيجيبك بأنك جاهل، فهو غالبا يؤمن بالتطور إيمانا أعمى، وسوف تلاحظ أن من أكثر سمات التطوريين وضوحا تجهيل المخالف، ولو تأملت هذه السمة فإنك ستلاحظها دائما عند المناقش الذي لا يملك دليلا لإثبات دعواه، لأن وجود الدليل وبسطه يغنيه عن الاتهام بالجهل.
إشكالية الحلقات الانتقالية
بحسب نظرية التطور فإنه يفترض أن الحلقات الانتقالية بين الأنواع أكثر بكثير من الأنواع الموجودة نفسها، لأن الانتقال بين الأنواع يأتي في سياق تدريجي عبر أعداد كبيرة جدا من الكائنات، فهي بلا شك أضعاف مضاعفة من عدد الكائنات المعروفة التي تمثل الأنواع. ولكن أين بقايا تلك الكائنات التي تمثل المراحل الانتقالية بين الأنواع ما دامت أعدادها بهذه الكثرة؟
لتوضيح هذه الإشكالية الكبيرة في النظرية طرح ماتي ليزولا وجوناثان ويت، مؤلفا كتاب “المهرطق: رحلة عالم من داروين إلى التصميم” (Heretic: One scientist’s journey from Darwin to Design)، طرحا المثال البليغ التالي بعنوان “بلورات الداروينية المفقودة”:
لنفترض هذه القصة:
جرت استضافتك أنت ومجموعة من أصدقائك في حقل واسع جدًّا تغطيه بلورات زجاجية بعمق قدم عن سطح الأرض. ونظراً لعمق هذه البلورات واتساع امتدادها وكثافتها، فإنه من الصعب عليك تحديد لون البلورة دون معاينتها مباشرة، إلا أن مضيفك أعلمك أن البلورات تأتي في ألوان مختلفة تمثل ألوان الطيف كلها، ولكن لشدة تدرجها فإن ألوانها لا تعد ولا تحصى، لدرجة أنك لو صففت البلورات ذات الألوان المتدرجة بالترتيب فإنك ستحصل على طيف ضوئي مطابقٍ لطيفَ قوس قزح الضوئي، لكن لشدة انسيابية الألوان فإنك لن تستطيع أن تميز بسهولة الفرق في اللون بين كل بلورة والبلورة المجاورة لها.
لتحقيق هذه الغاية- أي ترتيب البلورات لتحصل على طيف ضوئي متدرج متناسق- دُفع لك ولأصدقائك مبلغ من المال، مع التذكير أنك وأصدقاءك غير قادرين على التمييز الدقيق بين لون هذه البلورات نظرًا لعمقها واتساعها داخل هذا الحقل. انطلقت أنت وأصدقاؤك تلمون “بعشوائية” أكياسًا من هذه البلورات بغية ترتيبها بتدريج للحصول على الطيف الضوئي المنشود!
جمعتم مئاتٍ ومئاتٍ من الأكياس من البلورات المنتشرة، ومع كل كيس كانت حيرتكم تزداد! البلورات داخل الأكياس المجموعة لا تتلون إلا بالألوان الرئيسة: الأحمر، والأصفر، والأزرق، والأخضر، وربما عشرة أو خمس عشرة بلورة باللون البرتقالي والبني بين عشرات الآلاف من البلورات ذات الألوان الرئيسة، ظهرت البلورات البرتقالية والبنية بسبب تشوه باللون الأحمر والأصفر!
لا توجد أي ألوان بينية!
رغم محاولاتك ألا تكون وقحًا فإنك وجدت نفسك مضطرًا إلى ذكر ذلك لمضيفك الذي أقنعك بأن الحقل يحتوي على بلورات بطيف لامتناهٍ من الألوان!
ماذا كان رده؟ أجابك بثقة عمياء: إن معظم البلورات الموجودة في الحقل تتكون من الألوان الأساسية، ولكن إن بحثت وبحثت فلا بد أن تجد بلورات بألوان بينية تُتَمِّم لك الطيف الضوئي، وإن كانت قليلة، إلا أنها موجودة.
عدت أيها المسكين مجددًا إلى هذا الحقل الواسع الممتد بحثًا عن هذه البلورات البينية الألوان، النادرة الوجود!
فشلت، فعدت إلى المضيف وأخبرته: “لم أجد أية ألوان بينية، فقط الألوان الرئيسة، ربما من نثر هذه البلورات في الحقل تعمَّد أن تكون البلورات كلها بلورات من الألوان الأساسية وتعمَّد ألا توجد أي بلورات بينية الألوان”. عندها قاطعك المضيف ناهرًا: “من نثر هذه البلورات اختار ذلك؟! هذه البلورات لم ينثرها أحد، وإنما وُجدت بألوانها في هذا الحقل بالصدفة المحضة!”
عندها وبتفكيرك المنطقي البسيط قلت للمضيف: “إذا كان هذا الحقل في حقبة من حقبات الزمن مليئًا بعشوائية محضة بالبلورات المتنوعة الألوان، المتكاملة في تدرجها، فكيف لا نستطيع إيجاد أيٍّ منها الآن؟” عندها غضب مضيفك صارخًا: “البلورات البرتقالية والبنية، ألا تراها؟”
هذا المثال، على ما فيه من السخرية، يوضح هذه الإشكالية الكبيرة في بنية النظرية.
وللكاتب رضا زيدان مقال نشره مركز يقين بعنوان: “السجل الأحفوري والداروينية”. يشرح فيه هذه القضية ويذكر اعترافات عديدة.
تزوير الأدلة
للتطور سجل حافل بتزوير الأدلة، ومن الواضح أن فقدان الدليل العلمي الصريح الواضح هو ما يدفع التطوريين إلى التزوير والتلاعب. وسوف أستعرض هنا أبرز الأدلة المزورة التي قدمها التطوريون واستخدموا كل واحد منها لتكريس النظرية في عقول العامة لسنوات قبل أن ينكشف التزوير. وسواء كان التزوير مقصودا أو غير مقصود فإن نشر الدليل والاستدلال به دون تحقق يعتبر جريمة علمية.
أوتا بينغا
كان أوتا بينغا شاباً مرحاً يعيش مع زوجته وطفليه في قرية صغيرة محاطة بالغابات الاستوائية على ضفاف نهر كاساي في الكونغو، التي كانت مستعمرة بلجيكية في ذلك الوقت (عام 1904). وفي إحدى الأيام هجمت القوات الاستعمارية على قريته، وابتدأ القتل العشوائي في أهل القرية البسطاء، فأبيدوا عن بكرة أبيهم! ونجى أوتا بينغا لأنه خرج مبكرا من القرية بحثاً عن الطعام.
أوتا بنجا
شاهد أوتا بينغا زوجته وطفليه صرعى، واقتيد مع بعض الأسرى نحو حياة من العبودية البائسة. وكان حظه الأسوأ، ذلك أنه في تلك الأيام كان قد وصل إلى أفريقيا المبشر والتاجر الأمريكي Samuel Phillips Verner قادماً بمهمة قبيحة هي جلب أقزام أفارقة يشبهون القرود لعرضهم على الناس إثباتا لصحة نظرية داروين، وكانت مهمة Verner بموجب عقد تجاري بينه وبين William John McGee المتخصص في علم الأعراق البشرية.
وجد صامويل في أوتا بينغا القصير القامة ضالته، فاقترب منه وفتح فمه ليرى أسنانه، ثم سأل عن ثمنه، وبعد مفاوضات اشتراه بحفنة من الملح ملفوفة في خرقة.
لما وصل أوتا بينغا إلى مدينة سانت لويس الأمريكية قُيد بالسلاسل ووضع في قفص حيث قام علماء التطور بعرضه على الجمهور في معرض سانت لويس العالمي إلى جانب أنواع من القردة، وقدموه بوصفه أقرب حلقة انتقالية للإنسان. وبعد عامين نقلوه إلى حديقة حيوان برونْكس في نيويورك وعرضوه تحت مسمى السلف القديم للإنسان مع بضع أفراد من قردة الشمبانزي وبعض الغوريلات، وقام الدكتور التطوري William Hornaday، مدير الحديقة، بإلقاء خطب طويلة عن مدى فخره بوجود هذا الشكل الانتقالي الفريد في حديقته وعامل أوتا بينغا المحبوس في القفص وكأنه حيوان. وبقي مع القردة حتى نشأت بينه وبين قرد الأورانغوتان صداقة.
أوتا بنجا
في نهاية عام 1906، أُطلق سراح بينغا تحت وصاية القس جيمس غوردون ووضع بينغا في ميتم هاورد، وهو ميتم تابع لكنيسة. ثم رتب القس غوردون في كانون الثاني 1910 لنقل بينغا إلى ايبسوم قرب لندن حيث عاش مع أسرة ماكاري، ورتب الأمور لتسوية اسنان بينغا وأن يلبس نفس ملابس الأنكليز، وبدأ بالذهاب إلى المدرسة الابتدائية في ايبسوم. وبمجرد أن شعر أن لغته الإنجليزية تحسنت بما فيه الكفاية أوقف بينغا تعليمه الرسمي وبدأ العمل في مصنع للسجائر في ايبسوم. وكان أحيانا يروي قصة حياته مقابل الساندويشات أو البيرة. ثم بدأ يخطط للعودة إلى أفريقيا.
في عام 1914، عندما اندلعت الحرب العالمية الاولى، أصبحت العودة إلى الكونغو مستحيلة، فاكتئب بينغا، وفي 1916 بعمر 32 سنة، أوقد نارا احتفالية، ونزع الغطاء الذي وضع بأسنانه وأطلق النار على قلبه منتحرا بمسدس مسروق. ودفن في مقبرة المدينة.
رجل بيلتداون
هذه الأحفورة تعتبر من أقوى الأدلة التي اعتمد عليها الداروينيون في تسويق النظرية، وهي عبارة عن بقايا متحجرة لإنسان بدائي غير معروف وجدت في منطقة بيلتداون في إنجلترا. وتم إعطاؤها اسما علميا هو Eoanthropus Dawsoni، على اسم مكتشفها دوسون!
استمر الاستشهاد بأحفورة بلتداون 40 عاما، حتى صارت جزءا من مناهج العلوم في المدارس، ثم اكتشفت الخدعة بعد هذه السنين، وهي أن الجمجمة مزيفة، حيث كان الرأس لإنسان معاصر ولكن تم إلصاق حنك قرد عليه!
لم يكن الرسام التطوري يعلم بالحنك المزور حين ظهر لنا بهذه الشخصية لإنسان بلتداون:
بلتداون
بالطبع لا يمكننا أن نتخيل أن حنك القرد وجد تلقائيا على جمجمة الإنسان دون تزوير متعمد.. فالواضح من التركيب أن التزييف مقصود. وكانت فضيحة كبيرة على الداروينية، وظلت تهمة التزوير تحوم حول مكتشفها Dawson. هذا رابط لمزيد الاطلاع.
إنسان جاوة
إنسان جاوة Java Man هو اسم اطلق على مستحاثات اكتشفت عام 1891 في موقع ترينيل في مقاطعة نجاوي على ضفاف نهر سولو في جاوة بإندونيسيا.
وبطل هذه الخدعة هو الطبيب الهولندي يوجين ديبوا Eugène Dubois، حيث سافر أثناء عمله في الجيش الملكي الهولندي إلى جاوا في بعثة استكشافية، فلما يئس من إيجاد أي حفرية تصلح لإثبات نظرية داروين في نهايات القرن التاسع عشر قرر أن يجمعها بنفسه.
عثر عماله عام 1890 في قرية تقع على نهر سولو على قطعة من فك سفلي وسن واحدة، ثم عثر في العام التالي 1891 على قطعة من قحف جمجمة مفلطحة ومنخفضة وفيها بروز فوق العينين وبروز في الخلف، أي أن حجم الدماغ صغير، وبذلك فهي مثالية لأنها تجعل أعلى الرأس صغير الحجم مثل القرود!
جاوة
وفي السنة التي تلتها عثر في نفس تلك المنطقة على بعد 40 م تقريبا على عظمة فخذ إنسان، ولكي يكون بطلا في نظر التطوريين فقد أعلن أن جميع ما اكتشفه من عظام يعود إلى مخلوق واحد!
وعلى الفور تلقف التطوريون ما لديه واعتبروه الحلقة المفقودة بين مشية الإنسان والقرد وأعطوه على الفور، كما هي الحال في كل مرة، اسما لاتينيا، فاختاروا له اسم Pithecanthropus erectus.
وكانت هذه هي أول كذبة أسست لما يعرف بـ هومو إريكتس Homo erectus، أي الإنسان منتصب القامة.
تصدى العالم المشهور الدكتور فيرشاو لهذا الزعم في مؤتمر الأنثروبولوجيا الذي عقد سنة 1895 وحضره ديبوا نفسه، وقال إن الجمجمة لقرد وعظمة الفخذ لإنسان، ثم طلب من ديبوا تقديم أي دليل علمي مقنع لزعمه فلم يستطع.
وفي 1907م أرسلت ألمانيا مجموعة خبراء من برلين إلى جاوا لدراسة الحفريات ومكان اكتشافها، ولكن ديبو رفض أن يطلعهم على أية معلومة أو يحققوا في أي شيء! والشيء الوحيد الذي اثبتوه هو أن المنطقة التي عثر فيها على العظام هي منطقة حديثة لأن بركانا كان قد انفجر من فتره قريبة وفاضت حممه لتغطي الموقع بطبقة رماد وطمي، وهي التي دفنت فيها العظام التي وجدها.
على هذا الرابط يمكن مراجعة المزيد من التفاصيل حول إنسان جاوة.
رجل أورس
في عام 1982 قام عدة منقبين أثريين باكتشاف عظمة بمنطقة أورس Orce في إسبانيا، وأطلق عليها اسم La Galleta لأنها مستديرة الشكل بحجم الكعكة الصغيرة. وفي 1983 اعتبرت هذه العظمة أقدم متحجرة لإنسان في أوروبا، إذ زعم العالم المكتشف وهو Jose Gibert أنها جزء من جمجمة مخلوق عمره 17 سنة عاش قبل 900 ألف إلى 1،7 مليون سنة. وقام ذلك البروفيسور بعمل رسومات تفصيلية عن شكل ذلك الكائن الذي يمثل القردة العليا، أسلاف الإنسان.
تأمل هذه الصورة للمكتشفين، ولاحظ الكائن الموجود في الخلفية كيف اخترعوه من كسرة عظمة في أعلى الجمجمة!
إتحاف الكرام كان الداروينيون متأكدين أن العظمة تمثل القردة العليا البدائية وأنها حلقة الوصل ما بينها وبين الإنسان، وأطلقوا عليها اسم رجل أورس Orce Man. كل هذا من عظمة بحجم كعكة صغيرة!
وفي عام 1984 تم الإعلان عن الاكتشاف وتم التوصل إلى أن العظمة الصغيرة هي جزء من الجمجمة. وبعد اختبار العظمة من عدة أطراف خارج فريق البحث اكتشفوا أنها تعود إلى حمار عمره ستة أشهر!
عند ذلك أصبح “رجل أورس” أو “حمار أورس” أضحوكة الصحافة، ونكتة يتندر بها الناس في إسبانيا..
اورس
إنسان نبراسكا
ظهرت تسمية “إنسان نبراسكا” في عام 1922 اعتمادا على سن شبه بشري تم العثور عليه في نبراسكا في الولايات المتحدة. أما بداية القصة فهي في عام 1917 حيث عثر هارولد كوك، وهو مزارع وجيولوجي من نبراسكا على سن، وأرسلها عام 1922 إلى هنري أوزبورن، وهو عالم أحافير ورئيس المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي، حيث بدا له أن السن تعود إلى قرد، فسارع إلى نشر مقالة معلنا عن نوع جديد أسماه Hesperopithecus HaroldcookII.
ورغم أن بعض العلماء الذين زعموا أن إنسان نبراسكا سلف بشري، وسارعوا إلى إضافته في المناهج الدراسية، لكن أوزبورن وزملاءه وصفوه بأنه ربما كان نوعا متطورا من القردة العليا، ولم يجازفوا بالدفاع عنه كجزء من الحلقات المفقودة في التطور.
رسم علمي ولكن من سن واحد! لاحظ هنا كيف اختلق رسام التطور أميدي فوريستير هذا الكائن مع زوجته من خلال سن قديم.. ونشرت في صحيفة الاستريتد لندن نيوز عام 1922:
نبراسكا
وبعد ذلك ظهرت أراء قوية أن السن ربما كان يعود إلى نوع من الخنازير البرية، خصوصا وأنها تشبه سن الإنسان، ولا يمكن التحقق منها جيدا لقدمها وتآكلها.
رجل النياندرتال
في عام 1856 تم اكتشاف مستحاثة إنسان النياندرتال لأول مرة، واعتبر علماء التطور أنه هو الإنسان البدائي، وأنه انقرض منذ آلاف السنين. ولكن مؤخرا في عام 2010 نشرت صحيفة ساينس العلمية أن الحمض النووي للنياندرتال مشابه للحمض النووي لإنسان اليوم بنسبة 99،7%، ومثل هذه الفروق في الجينوم توجد بكل بساطة بين الأعراق المختلفة من البشر اليوم.
وربما كان من أهم ما يحرص عليه التطوريون هو وجود رسوم عالية الدقة والتفاصيل، بل وتماثيل أيضا، فهي ذات أثر كبير في تصديق النظرية، لأن الحواس تقتحم المخيلة وتؤثر على القناعات.. وتبارى رسامو التطور في إطلاق خيالاتهم لرسم ملامح متنوعة للنياندرتال. ولعل من أطرف ما رسموه هذا الكائن الشهير الذي يطفح براءة:
نياندرتال
ولكن اكتشف الباحثون مؤخرا أن النياندرتال كان يستخدم أدوات مثل أدوات البشر، وهذه الاكتشافات دعت الكثير من العلماء إلى الاستخفاف بفكرة أن النياندرتال هم من أسلاف البشر. لاحظ مجلة ساينس ديلي في هذا الخبر تصف الاكتشافات الجديدة بأنها تنسف “أسطورة النياندرتال الغبية”. وفي هذا المقال تقول مجلة لايف ساينس إن النياندرتال يضل في الحقيقة إنسانا من العصور الوسطى!
سقوط الأركيوبتركس
لم يعد الأركيوبتركس أول طائر، ولم يعد هو الحلقة التطورية بين الزواحف والديناصورات.. فبعد مائة وخمسين عاما من تدريس هذه الأسطورة وتصديق الناس لها باعتبارها أحد الأدلة الموثوقة على صحة نظرية التطور ظهر خطأ هذا الاعتقاد! المصدر من مجلة نيتشر. وأما مجلة (أمريكان ساينتست) فقد نشرت الخبر ثم حذفته. وهذا مصدر آخر.
رسوم هيكل
ظهر التطوريون بخدعة تسمى “التلخيص” وخلاصتها أن مراحل تطور الفرد تلخص مراحل تطور الجماعة. وتبنى هذا الطرح عالم الأحياء التطوري إرنست هيكل في نهاية القرن التاسع عشر. ونظريته تفترض أن الأجنة البشرية تشبه في بداياتها الأسماك، ثم تشبه صفات الزواحف، ثم صفات البشر، وظهر الادعاء أن الجنين له خياشيم! قد تبدو هذه النظرية خدعة، لكن أين يكمن التزييف؟
هيكل
لكن الفضيحة هي أن هيكل قام بتزييف رسوم الأجنة لتظهر أجنة الأسماك وأجنة البشر متشابهة! وانتشرت الرسوم في المناهج الدراسية لتكون إحدى عجائب الأدلة على صحة نظرية التطور.. وعندما افتضح أمره كان دفاعه الوحيد هو أن أنصار التطور الآخرين يرتكبون جرائم مشابهة! هنا بحث حول الموضوع لمزيد من الاطلاع من موقع جامعة شيكاغو.
والعجيب أنك لا تزال تجد من يستشهد على صحة التطور بأطوار الجنين!
الـ DNA الخردة
طالما رفع التطوريون أصواتهم بالدي إن أي الخردة Junk DNA على اعتبار أنها أقوى الأدلة التي تثبت صحة التطور على الإطلاق، والحجة في ذلك أن ذلك الجزء من الدي إن أي فقد وظيفته في الإنسان بعد أن كان له وظائف في أسلافه!
على سبيل المثال، في لقاء إذاعي عام 1998 قالت الداروينية يوجيني سكوت إنها أقوى أدلة التطور. استمع إلى مقتطفات من حوارها على هذه الصفحة.
ولكن في عام 2012 سقط هذا الدليل تماما، بعد أن اكتشف العلماء أن هذه الجينات لها وظائف حيوية مهمة! طالع هذا الخبر الصاعق من صحيفة الواشنطن بوست حين سقط مفهوم الـ دي إن أي الخردة.
هل تصدق أنني أجد من التطوريين العرب عند النقاش من يستشهد بالدي إن أي الخردة حتى الآن؟
الأعضاء الضامرة
من ادعاءات التطوريين التي طالما بثوها وحرصوا بنشرها في كتب العلوم هو قولهم إن هناك أعضاء ضامرة كانت عند أسلاف البشر، ويستدلون على ذلك بأنها ليست ذات وظائف! ولكي لا يتشعب الحديث هنا، ولكثرة الادعاءات حول اعتبار كثير من الأعضاء ضامرة، كالزائدة الدودية والعصعص وعضلات الأذن.. الخ، هنا صفحة تشرح بطريقة علمية وبالمصادر سقوط هذا الاستدلال بوجود أعضاء ضامرة عند البشر.
غير أن الاستدلال بالأعضاء الضامرة لا يقتصر على البشر، فمن أشهر الاستدلالات التي لا يزال العامة من التطوريين يستشهدون بها هو عظام الحوت الخلفية المخفية تحت الجلد، حيث يعتقدون أنها بقايا من أسلاف الحوت! وقد ثبت أن تلك العظام ليست أعضاء ضامرة وإنما لها وظيفة مهمة عند التزاوج، والاكتشاف شهير تحدثت عنه وسائل الإعلام كهذا الموضوع، ولكن يظل بعض التطوريين يستشهدون به إما جهلا أو تدليسا لعل المتلقي يجهل حقيقة الادعاء.
اعتراف بوجه صفيق
مكتشف أحفورة Rodhocetus، سلف الحوت المزعوم، يعترف بكل وقاحة بالتزييف:
تزوير التواريخ
في أحد المواقع شمال إسبانيا توجد عشرات الأحافير من الهياكل العظمية، حيث اعتبرته منظمة اليونسكو من المواقع المهمة للتراث العالمي لأهميته في فهم التطور، وتم جمع الملايين من اليورو لإنشاء متحف قريب من الموقع.
لكن أحد العلماء في متحف التاريخ الطبيعي في بريطانيا، كريس سترينجر، حذر من أن المسئولين عن الموقع قد قاموا بتزوير الأعمار للأحافير بزيادة 200 ألف عام. وكذلك اعترض فيليب انديكوت من متحف الإنسان في باريس على تقييمهم لأعمار تلك الأحافير. المصدر من صحيفة الجارديان.
ما علاقة التطور بالإلحاد؟
قد يعترض البعض على الربط بين الإلحاد ونظرية التطور، وهذا مستغرب ممن يعرف جيدا ما هو الإلحاد وما هي نظرية التطور! فلا يمكن أن يوجد ملحد لا يؤمن بالتطور، والإيمان بالتطور شرط أول لإنكار الخالق، لكن هذا لا يعني أن كل من يؤمن بالتطور فهو ملحد. فكل ملحد تطوري ولكن ليس كل تطوري ملحد. ونظرية التطور بالنسبة للإلحاد هي بلا شك كعب أخيل، فسقوط النظرية علميا هو آخر مسمار في نعش الإلحاد بعد سقوط خرافتي أزلية الكون والتولد الذاتي. ولهذا تجد أن نشر نظرية التطور ومحاولة إقناع الناس بصحتها من أهم الأعمال التي يحرص عليها دعاة الإلحاد. يقول دوكنز: “إذا كنت تريد أن تقضي على الدين فكل ما عليك هو أن تقنعهم بنظرية التطور!” استمع إليه في بداية الدقيقة الثانية من هذا المقطع:
وهنا مثال حي على أثر التطور في نقل الشخص من الإيمان الديني إلى الإلحاد، ثم أثر الإلحاد على حياته البائسة:
وهذا مثال آخر، حيث يتحدث القاتل المتسلسل جفري دامر عن اعتقاده بالتطور ثم إلحاده وأثر ذلك على سلوكه الإجرامي (قم بتفعيل الترجمة):
نظرية التطور “الإسلامية”
لعل الاندفاع المحموم من بعض الإخوة المسلمين نحو تأييد النظرية غالبا ما يكون باعثه تراكمات من الشعور بالنقص الحضاري والهزيمة الثقافية، فتلاحظ أنهم يعبرون عن مشاعر الخجل من الثقافات الأخرى والخوف من أن نصبح أضحوكة العالم التطوري، ويرددون عبارات مثل “يا أمة ضحكت من جهلها الأمم”..
وهذا مركب نقص حضاري متمكن في بعض النفوس، وتلك شريحة يصعب إقناعها بالنقاش العلمي نظرا لسطوة العامل النفسي لديها على الاستدلال العقلي الواضح. ولكن لحسن الحظ فإنك لن تجد هذا الشعور بالهزيمة عند من لديه تأسيس شرعي قوي من شباب المسلمين.
كنت أتمنى من المسلم الذي لديه هذا الخجل الزائد من العالم “المتحضر” أن يخجل قليلا من نبيه محمد وإخوته الأنبياء عليهم جميعا أفضل الصلاة والسلام، فلا يدافع عن نظرية تقول إن هؤلاء الأنبياء ينحدرون من قردة عليا، في حين أن من أشد العقوبات التي أنزلها الله عند غضبه هي عقوبة المسخ إلى قردة: “فَلَمَّا عَتَوْا عَن مَّا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ” (الأعراف 166)، وقال تعالى: “قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ ۚ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ ۚ أُولَٰئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ” (المائدة 60)
وربما كان يخجل من هذا الأمر فيخرج البشر من الشجرة التطورية الداروينية معتقدا أن هذا الحل التوفيقي- أو التلفيقي بالأصح- مخرجا لقبول النظرية التي يستحي أن يرفضها.. وهنا كان عليه أن يخجل من عقله ومنهجيته.. إذا كان يؤمن بالنظرية بناء على “ثبوتها علميا” كما يظن، فكيف يخرج البشر مناقضا هذا الثبوت؟
وعلى أية حال، فالمسلمون التطوريون بينهم اختلافات كثيرة جدا، تحكمها عوامل شتى، منها قربهم من النصوص، وأثر الهزيمة الحضارية، وحسابات المصلحة بين فقد المؤمن والحفاظ عليه مع إيمانه بالتطور.. الخ.
وهذا مقطع مناسب للمقام، يخاطب فيه الدكتور هيثم طلعت دعاة التطور الموجه:
هندسة الإنزيمات الريبوزية لا تحاكي التطور الكيميائي غير الموجه
بسبب الصعوبات التي تواجه فرضية عالم الرنا والعدد المحدود من الوظائف الإنزيمية التي يمكن أن تنجزها الإنزيمات الريبوزية الموجودة طبيعيًّا، انتشرت صناعة مخبرية جديدة في البيولوجيا الجزيئية، حيث سعى العلماء المناصرون لفكرة عالم الرنا لتصميم جزيئات رنا جديدة ذات وظائف لم نشاهدها من قبل، لم يأمل العلماء بذلك في زيادة معرفتهم بكيمياء الرنا فقط، ولكن أيضًا في إثبات احتمالية فرضية عالم الرنا، بل وحتى إمكانية إنشاء نوع من حياة اصطناعية.40
عادة تستعمل تجارب هندسة الإنزيمات الريبوزية هذه إحدى طريقتين: أسلوب “التصميم العاقل” أو أسلوب “التطور الموجه”، وفي كلا الحالتين يسعى البيولوجيون إلى توليد نسخ أكثر فعالية من الإنزيمات الريبوزية أو إنزيمات ريبوزية جديدة بالكلية قادرة على إنجاز بعض الوظائف البروتينية الأخرى، في أسلوب التصميم العاقل يعدل الكيميائي مباشرة تسلسلات محفزات الرنا الموجودة في الطبيعة، أما في أسلوب التطور الموجه (أو “التصميم غير العاقل”) يحاول العلماء محاكاة شكل من الانتقاء الطبيعي قبل الحيوي لإنتاج إنزيمات ريبوزية ذات قدرات وظيفية محسنة، فيغربلون مجموعات من جزيئات الرنا باستعمال أفخاخ كيميائية لعزل الجزيئات التي تنجز وظائف معينة، وبعد انتقاء هذه الجزيئات من المجموعة، يولدون نسخًا متنوعة من هذه الجزيئات بالتعديل العشوائي (التطفير) لجزء من تسلسل الجزيئة الأصلية، ثم ينتقون أكثر الجزيئات وظيفيةً في هذه المجموعة الجديدة ويعيدون العملية مرات عدة إلى أن تنتج زيادة محسوسة في الوظيفة المطلوبة.
أُنجزت معظم إجراءات هندسة الإنزيمات الريبوزية على الليغازات، وهي ريبوسومات يمكنها وصل سلسلتي رنا (من السلاسل القصيرة oligomers) مع بعضهما بتشكيل رابطة (فوسفورية ثنائية الإستر) مفردة بينهما، ويريد مهندسو الإنزيمات الريبوزية إثبات أن هذه الليغازات يمكنها أن تتحول إلى بوليميرازات حقيقية أو “ريبلكازات”، لكن هذه البوليميرزات لن تربط الأسس النكليوتيدية فقط (بروابط فوسفورية ثنائية الإستر)، ولكن ستثبت طيقان القالب المكشوفة أيضًا، وسوف تستعمل الأسس المكشوفة كقالب لصنع نسخ ذات تسلسل معين.
إن البوليميرزات هي الكأس المقدسة والدرة المفقودة بالنسبة لهندسة الإنزيمات الريبوزية، وفقًا لفرضية عالم الرنا، فإنه بمجرد نشأة بوليميراز قادر على التضاعف الذاتي بتوجيه قالب، فإنه سيجعل من الانتقاء الطبيعي عاملًا في التطور الكيميائي اللاحق للحياة، وبما أن الليغازات تنجز وظيفة واحدة –وواحدة فقط– من الوظائف العديدة التي تنجزها البوليميرازات الحقيقية، توقع منظرو عالم الرنا أن الليغازات هي الجزيئات السلفية التي نشأت منها البوليميرازات ذاتية التضاعف، وحاولوا إثبات إمكانية ذلك باستعمال هندسة الإنزيمات الريبوزية لبناء بوليميرازات (أو ريبلكازات) انطلاقًا من إنزيمات ليغاز ريبوزية أبسط.
لم ينجح أحدٌ حتى الآن في هندسة بوليميراز رنا مرتكزًا على الرنا تام الفعالية، سواءً من ليغاز أو من غيره،41 ولكن مهندسي الإنزيمات الريبوزية استعملوا التطور الموجه لتحسين وظيفة بعض الأنواع الشائعة من الليغازات، وكما أشرنا سابقًا، فقد أنتجوا أيضًا جزيئة تستطيع أن تنسخ قسمًا صغيرًا من نفسها، وقدم رواد هندسة الإنزيمات الريبوزية مثل جاك شوستاك وديفيد بارتل David Bartel هذه النتائج على أنها تدعم عملية التطور الكيميائي غير الموجه الذي بدأ في عالم الرنا،42 وقد بشرت المنشورات العلمية والكتب المشهورة كثيرًا بهذه التجارب كنماذج لفهم نشأة الحياة على الأرض واعتبروها طليعة البحث العلمي الذي يثبت إمكانية تطور شكل اصطناعي من الحياة في أنبوب اختبار.
إلا أن هذه المزاعم بها عيب واضح، يميل مهندسو الإنزيمات الريبوزية إلى إغفال دور ذكائهم في تحسين القدرات الوظيفية لمحفزات الرنا التي أنتجوها، فالطريقة التي استخدم بها المهندسون ذكاءهم في مساعدة عملية التطور الموجه لا يوجد لها نظير في ظروف العالم قبل الحيوي –على الأقل في عالم دفعت فيه العمليات غير الموجهة فقط التطور الكيميائي للأمام– على الرغم من أن هذه هي عين الظروف التي يفترض أن تحاكيها تجارب الإنزيمات الريبوزية.
يتخيل أنصار عالم الرنا تطور الليغازات عبر عملية غير موجهة ابتداءً من أسس حرة إلى بوليميرازات رنا يمكنها أن تضاعف نفسها، ومن ثمّ تنشأ الظروف الملائمة لبداية الانتقاء الطبيعي، بعبارة أخرى؛ تحاول هذه التجارب محاكاة انتقالٍ يحصل –طبقًا لنظرية عالم الرنا– قبل أن يكون الانتقاء الطبيعي قد بدأ في عمله أصلًا، ولكن حتى يحسنوا وظيفة جزيئات الليغاز قاموا فعليًّا بمحاكاة ما يقوم به الانتقاء الطبيعي، بدءًا من مجموعةٍ من التسلسلات العشوائية، أنشأ الباحثون مصيدة كيميائية لعزل التسلسلات التي توضح وظيفة الليغاز فقط، ثم اختاروا تلك التسلسلات لتطويرها أكثر، فاستعملوا تقنية التطفير لتوليد مجموعة من النسخ المتنوعة من الليغازات الأصلية، ثم عزلوا هذه النسخ وانتقوا التسلسلات الأفضل –أي التسلسلات التي تبدي دليلًا على وظيفة ليغاز محسنة أو مؤشرات على وظيفة بوليمراز مستقبلية– وكرروا العملية إلى أن يتحقق بعض التحسن في الوظيفة المرغوبة.
لكن ما الذي كان يستطيع أن يؤدي هذه المهام قبل أن تتطور أول جزيئة ذاتية التضاعف؟ لم يخبرنا شوستاك وزملاؤه، بالتأكيد لا يستطيعون أن يقولوا إن الانتقاء الطبيعي قد لعب هذا الدور؛ لأن عملية الانتقاء الطبيعي تعتمد على النشأة المسبق للجزيئة المتضاعفة ذاتيًّا التي يبذل شوستاك وزملاؤه جهدهم لتصميمها، ولكن بدلًا من ذلك مارس شوستاك وزملاؤه دورًا تعجز الطبيعة عنه قبل نشأة نظام متضاعف ذاتيًّا، أو على الأقل جزيئة متضاعفة ذاتيًّا.
عمل شوستاك وزملاؤه عمل المضاعفات، فولدوا كمية كبيرة من التسلسلات المختلفة، واختاروا التسلسلات التي ستبقى لتخضع لجولة أخرى من التطور الموجه، بل واختاروها بناءً على بصيرة مستقبلية لا يملكها الانتقاء الطبيعي ولا أي عملية غير ذكية أو غير موجهة (بحد ذاتها)،43 فسمات جزيئات الرنا التي عزلها شوستاك وزملاؤه وانتقوها هي سماتٌ لا تضفي بنفسها أي ميزة وظيفية على الجزيئة في العالم قبل الخلوي.
بالطبع إنزيمات الليغاز تنجز وظائف ضمن الخلايا المعاصرة تمنح ميزة انتقائية للخلايا التي تحتويها، ولكن قبل نشأة أول خلية بدائية متضاعفة ذاتيًّا لم تكن لريبوسومات الليغاز أي ميزة وظيفية على غيرها من جزيئات الرنا، فلم يوجد في هذه المرحلة من التطور الكيميائي أي نظام ذاتي التضاعف لتمنحه أي فائدة.
إن قدرة على ربط (لصق) السلاسل النكليوتيدية أمر ضروري (بأفضل أحوالها)، لكنها غير كافية لأداء وظيفة بوليميراز أو ريبلكاز، وفي حال غياب جزيئة (أو نظام جزيئي، وهو الأرجح) فيها كل السمات المطلوبة للتضاعف الذاتي، لن تفضل الطبيعة أي جزيئة رنا على الجزيئات الأخرى؛ فالانتقاء الطبيعي لا ينتقي إلا السمات المفيدة وظيفيًّا، وفي النظم المتضاعفة ذاتيًّا فقط، فعينه تعمى عن الجزيئات التي تملك مجرد شروط ضرورية أو مؤشرات محتملة لوظيفة مستقبلية، بل “إنه” لا يقوم بشيء أبدًا حينما لا توجد آليات التضاعف والانتقاء. وفي تجارب هندسة الإنزيمات الريبوزية يلعب المهندسون دورًا في محاكاتهم للانتقاء الطبيعي لا يمكن أن تقوم به العمليات الطبيعية غير الموجهة قبل بدء الانتقاء الطبيعي أصلًا. وبالتالي، حتى إذا نجحت تجارب الأنزيمات الريبوزية في إحداث تحسين كبير في قدرات محفزات الرنا، فذلك لا يعني أنها أثبتت إمكانية حصول عملية تطور كيميائي غير موجهة. ولما كانت تجارب هندسة الإنزيمات الريبوزية مشتملةً على دورٍ أوضح للذكاء باعتبار استخدامها لأسلوب التصميم العاقل (بعكس أسلوب التطور المباشر)، فإنها لا تزال تعكس المشكلة نفسها.
- Szostak, Bartel, and Luisi, “Synthesizing Life.”
- Szostak, Bartel, and Luisi, “Synthesizing Life,” 388; Wolf and Koonin, “On the Origin of the Translation System.”
- ادعى إيكلاند وآخرون أن الريبوزمات الفعالة أكثر شيوعًا في تجمعات تسلسات الرنا مما كان يعتقد سابقًا (“Structurally Complex and Highly Active RNA Ligases”، خاصة في 364). مساحة التسلسلات (العدد الإجمالي للتوليفات الممكنة من النيوكليوتيدات) المقابلة لجزيئات الحمض النووي الريبي المكونة من 220 قاعدة والتي تم فحصها، 4220، أو تقريبًا 1 × 10132 احتمالات. نظرًا لأنهم كانوا قادرين على عزل ريبوسوم الليغاز عن طريق البحث عن جزء صغير من المساحة بأكملها (حوالي 1.4 × 1015 تسلسلات منفصلة)، فإن هذا يعني أن المساحة بأكملها ستحتوي على عدد ضخم من الليغازات قابلة للمقارنة. ولكن لكي تتطلب مثل هذه الوظيفة البسيطة تسلسل واحد في التريليون، فإن ذلك يثير أسئلة جدية حول ندرة الوظائف الأكثر تعقيدًا. كما لوحظ، على سبيل المثال، لم تنتج هندسة الإنزيمات الريبوزية حتى الآن ريبوزيمًا واحدًا قادرًا على أداء نشاط البوليميراز الحقيقي. كما لم يكتشف الباحثون الريبوزيمات القادرة على أداء معظم الوظائف الإنزيمية الأساسية الأخرى.
- كما لاحظ وولف وكونين: “نظرًا لأن التطور ليس له بصيرة، فلا يمكن لأي نظام أن يتطور بتوقع أن يصبح مفيدًا بمجرد بلوغ المستوى المطلوب من التعقيد”.
Wolf, Yuri I., and Eugene V. Koonin. “On the Origin of the Translation System and the Genetic Code in the RNA World by Means of Natural Selection, Exaptation, and Subfunctionalization.” Biology Direct 2 (2007): 1–25.
الخيال والاعتقاد التطوري يدفع بمزاعم كاذبة عن “حوت رباعي الأرجل”
تضج وسائل الإعلام حاليًا بمزاعم عن حفرية اكتشفت حديثًا من مصر: “حوت ذو أربعة أرجل” وفيما يلي بعض العناوين البارزة:
الراديو الأمريكي الوطني العام NPR: “اكتشف العلماء أحفورة لحوت ذي أربعة أرجل له أسلوب أكل يشبه الطيور الجارحة”
تقول نيوزويك: “اكتشف العلماء حفرية لحوت قاتل ذو أربعة أرجل له رأس يشبه ابن آوى ويعيش على كل من اليابسة والبحر”
نيويورك بوست “عثر على حفرية لحوت رباعي الأرجل لم يكن معروفًا من قبل في مصر”
بي بي سي: “اكتشف في مصر نوع جديد من حوت قديم يدب على أربع أرجل”
والعناوين تطول وقد صاحب العناوين الرئيسية رسمة فنية لما يُفترض أنه عثر عليه. وهي رسمة تنسب إلى أحد مؤلفي الورقة التقنية، الجيولوجي روبرت دبليو بوسنكر.
“هذا صحيح يا قوم!”
تحذرنا القصة التي نشرت على NPR:
نأسف لإبلاغك أن كوابيسك ستزداد الآن سوءًا
اكتشف فريق بقيادة علماء مصريين حفرية عمرها 43 مليون عام في الصحراء الكبرى بمصر لحوت برمائي منقرض له أربعة أرجل.
هذا صحيح يا قوم؛ حوت له أرجل!
المشكلة مع هذه الادعاءات؟ وهذا صحيح، أيها الناس – أنهم لم يجدوا أيًا من أرجل الحفرية. وكل ما قرأته الآن حول هذه الحفرية من نتاج الخيال. في الواقع، إذا قمت بفحص الورقة التقنية، فستعلم أنهم عثروا على جزء ضئيل جدًا من الحفرية. يوضح الشكل 1 في الورقة، والذي يمكن رؤيته على الرابط (إضغط هنا للانتقال). العظام المكتشفة مظللة باللون الأحمر؛ كبر الصورة وانظر على الرسم الأوسط ربما تلاحظ، كما قلت، غيابًا غريبًا لعظام الساق المظللة باللون الأحمر.
001 a
وما يغيب في العظام المكتشفة أيضًا: الحوض، والغالبية العظمى من الأضلاع والفقرات، والجزء الأمامي من الخطم. لا شك أن الكائن الحي لديه هذه العظام، ولكن تسمية هذا الكائن “الحوت ذو الأرجل”، أو تصويره بشكل لا لبس فيه على أنه بعض الأنواع التي تنتقل بين الثدييات الأرضية والحيتان (كما رأينا أعلاه)، يضيف قدرا هائلا من الخيال التطوري على الحالة.
هل كان حوتًا؟
تمشيا مع كل هذا، تشير الورقة في الملخص إلى أن ما وجدوه كان “هيكلًا عظميًا جزئيًا”، وذكر لاحقًا أن “النوع الجديد مبني على هيكل عظمي جزئي”. وقدم وصف كامل للعظام لاحقًا في الورقة على النحو التالي:
هيكل عظمي جزئي يخص فردا واحدا ويشمل الجمجمة، والفك السفلي الأيمن، والفك السفلي الأيسر غير المكتمل، والأسنان المعزولة، وعنق الرحم، والفقرات والأضلاع الصدرية، الأحفورة النمطية الحالية هي العينة الوحيدة المعروفة.
ربما كان لهذا الكائن أربع أرجل، وربما كان لديه زعانف. ربما كان من أقارب الحيتان. ربما ليس من أقارب الحيتان. لا أحد يعرف حقًا. الحقيقة البسيطة للأمر هي أننا بالكاد نعرف أي شيء عن هذا المخلوق لأنه، ونقول مرة أخرى، تم العثور على جزئ ضئيل منه. إن قسر هذا النوع على نموذج تطوري لتلائم الأفكار المسبقة حول تطور الحوتيات، وإصدار عناوين رئيسية حول “الحوت رباعي الأرجل”، يصعب اعتقاده. في الواقع، أنا أتراجع عن هذه الكلمة فالاعتقاد –أي الاعتقاد بنموذج تطوري– هو الشيء الذي يدفع لنشر هذه العناوين الرئيسية.
الخيال، والاعتقاد. إن تلطفت بالقول؛ وهذا ما أصر عليه. كلنا نملك خيالا، وكلنا نملك معتقدات، وبهذا المعنى يكون الأمر مفهوما. ولكن إن تركت التلطف بالقول، يمكن استخدام مجموعة متنوعة من المصطلحات الأخرى لوصف عملية إخبار الجمهور بأن الحفرية تمثل “حوتًا رباعي الأرجل”.
فهل من الغريب أن الناس لا يثقون في الادعاءات التطورية المبالغة في وسائل الإعلام أو من بعض العلماء؟
عقد مخيّب للآمال لدراسة التطور البشري
كان العقد الأول من القرن الحادي والعشرين عقدًا سيئًا لدراسة التطور البشري. نشرت مجلة معهد سميثسونيان مؤخرًا مقالًا بعنوان “أكبر اكتشافات هذا العقد في تطور الإنسان”[1]. افتتحته بالقول:
تطور البشر أحد أكثر مجالات البحث العلمي حيوية. شهد العقد الماضي العديد من الاكتشافات التي وسعت فهمنا لأصولنا البشرية. احتفالًا بالذكرى السنوية العاشرة لـ “قاعة ديفيد إتش كوخ للأصول البشرية” في معهد سميثسونيان، نعرض لكم بعض أكبر الاكتشافات في التطور البشري خلال السنوات العشر الماضية.
ما هي الاكتشافات الكبرى لهذا العقد؟ هل قدمت لنا أدلة جديدة ومقنعة على تطور البشر من رئيسيات أدنى منهم؟ الحقيقة أن بعض هذه الاكتشافات الكبيرة أضعفت أدلة التطور البشري، أما باقي الاكتشافات فغاية ما توصف به أنها تعديلات بسيطة على نظريات سابقة، ولا تؤثر كثيرًا على المبادئ الأساسية لعلم الإنسان القديم.
الحمض النووي القديم
أول اختراق علمي كبير ذكره معهد سميثسونيان هو اكتشاف الحمض النووي القديم. وهذا تطور هام فعلًا في حقل علم مورثات الأحياء القديمة paleogenetics المزدهر – أظهر وجود سلالات فرعية مختلفة من مجموعات حديثة جدًا شبيهة بالإنسان مثل إنسان دينيسوفا أو دينيسوفان Denisovans التي وجدت في المليون سنة الماضية. ورغم أنه دليل جديد ولافت للاهتمام، إلا أن الحمض النووي القديم في الوقت الحاضر لا يقدم شيئَا فعليًا بخصوص مبدأين أساسيين من مبادئ علم الإنسان القديم التطوري وهما:
(1) فرضية أن البشر المعاصرين ينحدرون من أنواع غير بشرية أو أقل بشرية أو بدائية،
(2) والادعاء بأن هذه “الأنواع من البشر الأوائل” التي اكتشفت مؤخرًا مختلفة تمامًا عنا.
صحيح أننا نعرف الحمض النووي للدينيسوفان، ولكن حاصل ما نعلمه حاليًا أن الدينيسوفان كانوا بشرًا مثلنا.
الاكتشاف الثاني الكبير في العقد الماضي كان “هومو ناليديHomo naledi “، وهو أمر لافت أيضًا لأنه يمثل مخزنًا ضخمًا من أحافير أسلاف الإنسان، التي تضيف الكثير إلى معرفتنا عن سجل الحفريات. في البداية، وصفت التقارير الإخبارية هومو ناليدي بأنه “سلف للإنسان”[2]. لكن وجد في عام 2017 أنه يبلغ من العمر بضع مئات من آلاف السنين، بما يعتبر أصغر بعشر مرات مما يمكن اعتباره أحد أسلافنا التطوريين. لقد مثّل هذا إخفاقًا كبيرًا لأنصار التطور البشري، كما ذكرنا في مقال سابق[3].
إخراج الموتى
هناك ادعاء رئيسي آخر حول نوع هومو ناليدي بأنه دفن موتاهم – مما يعني ضمنيًا أن هذه الأنواع ذات الأدمغة الصغيرة قد بدأت تظهر شيئًا من السلوك والذكاء الشبيه بالإنسان. ولكن هناك شكوك كبيرة حول هذا – انظر المقال الذي نشرناه على أخبار التطور للمراجعة [4]. كان هومو ناليدي اكتشافًا أحفوريًا مذهلًا، لكن بكل بساطة لم نعثر على دليل يثبت أنه نوع صغير الدماغ ويتمتع في الوقت نفسه بذكاء يناسب أن يكون سلفًا للبشر.
والحقيقة فإن الموضوع الرئيسي لعلم الإنسان القديم في عام 2010 هو معارضة الاكتشافات والتحليلات الجديدة لأعمار الحفريات تتعارض مع القصة التطورية المفضلة.
عمرها أقصر من المتوقع
أما ثالث اكتشاف كبير سجلته مؤسسة سميثسونيان لهذا العقد فهو اكتشاف جمجمة شبه كاملة العام الماضي من أسترالوبيثكس أنامينسيس Australopithecus anamensis، يعود تاريخها إلى حوالي 3.8 مليون سنة. كتب غنتر بيكلي Günter Bechly مراجعة ممتازة لهذه الحفرية الموجودة على موقع أخبار التطور [5]، وأشار إلى أن هذه الجمجمة سمحت ولأول مرة للعلماء بمعرفة الشكل الحقيقي لنوع أسترالوبيثكس أنامينسيس بالفعل. لكن حداثة عمرها غير المتوقعة جعلها تتداخل زمنيًا مع نسلها المفترض، أي نوع أوسترالوبيثيكوس أفارينيسيس A. afarensis. نقلت مجلةScience Daily عن أحد العلماء المشاركين في الاكتشاف قوله: “كنا نعتقد أن أسترالوبيثكس أنامينسيس قد تحول تدريجيًا بمرور الزمن إلى أوسترالوبيثيكوس أفارينيسيس” لكن بسبب حداثة عمر الحفرية تركنا هذا الاعتقاد. أوضح بيكلي:
مثل هذا التطور بالتخلق التجددي anagenetic evolution عن طريق التحولات التدريجية من نوع إلى نوع (دون أحداث مفرعة) قد تنبأت به نظرية داروين فعلًا. لذلك، يلزم أن نتوقع العثور على بعض الأدلة الأحفورية لهذه العملية الهامة. لكن تبين أن هذه الأدلة بعيدة المنال (انظر أدناه)، وكانت حالة الانتقال المفترض من أ. أنامينسيس إلى أ. أفارينيسيس “إحدى أقوى حالات التخلق التجددي في السجل الأحفوري” (اقتبسMelillo في مارشال 2019، Kimble وزملاؤه 2006، هيلا سيلاسي 2010). لقد تبخرت هذه الحالة وهي الحالة الأقوى حتى الآن، ولم تكن الحالة الأقوى فحسب، بل كانت أيضًا الحالة الأخيرة …
وسنعيد سرد القصة، اكتشف في عام 2006 أحافير أ. أنامينسيس التي تسبق زمنيًا أ. أفارينيسيس، وأثار هذا الاكتشاف ضجة كبيرة. قرر علماء أنثروبولوجيا الآثار القديمة أنها أظهرت علاقة مباشرة من نوع علاقة سلف/خلف بين هذين النوعين. كتب تيم وايت وزملاؤه في ذلك الوقت في مجلة نيتشر [6] “أقدم نوع موصوف من أسترالوبيثكس هو أ. أنامينسيس، وهو النوع الزمني السلفي المحتمل لنوع استرالوبيثكس أفارينيسيس” التقطت وسائل الإعلام القصة ووصفتها بأنها دليل قوي حقًا على التطور. على سبيل المثال، ذكرت وكالة أسوشيتد برس [7]:
إن آخر حفرية اكتشفت في بقعة ساخنة لأسلاف الإنسان في إفريقيا سمحت للعلماء بربط أكثر سلسلة اكتمالًا للتطور البشري حتى الآن مع بعضها البعض… قال المؤلف المشارك في الدراسة وعالم الأنثروبولوجيا الإثيوبي برهان أسفاو في مقابلة هاتفية من أديس أبابا: “وجدنا للتو سلسلة التطور أي الاستمرارية عبر الزمن”. وقال “تطور شكل إلى آخر، هذا دليل على تطور حدث في مكان واحد عبر الزمن”.
كان هذا المثال المفترض للتطور التدريجي لعلاقة سلف/خلف مباشرة مهمًا للغاية ليس فقط لمروجي الداروينية في وسائل الإعلام، ولكن أيضًا لعلماء الحفريات القديمة. ويعود السبب إلى أنه من النادر جدًا كما يعتقدون أن نجد مثالًا على مثل هذا الشيء؛ أي العلاقة المباشرة. ولقد اعترفت مراجعة رئيسية لتطور البشر كتبها عام 2015 برنارد وود ومارك جرابوسكي [8]، نشرت في كتاب التطور الكبير: التفسير والتعليل والدليل Macroevolution: Explanation, Interpretation and Evidence [9]، بأن الأمثلة المقبولة لتسلسلات سلف/خلف في أحافير أشباه البشر hominin نادرة للغاية:
معظم أصناف أشباه البشر، لا سيما أشباه البشر الأوائل، ليس لهم أي أسلاف واضحة، وفي معظم الحالات، لا يمكن بناء تسلسلات سلف/خلف (أي السلاسل الزمنية الأحفورية) بشكل موثوق – وهناك استثناءان محتملان مذكوران أدناه.
وخمنوا ما هو أحد أفضل المثالين؟ لقد كان تطور أ. أنامينسيس تدريجيًا ومباشرة إلى أ. أفارينيسيس:
عرض في وقت ما أو غيره كل من أشباه البشر الأوائل الذين تمت مناقشتهم أعلاه على أنه “السلف” لأشباه البشر اللاحقين، ولكننا نرى أن زوجين فقط من الأصناف هما أ. أنامينسيس مع أ. أفارينيسيس (Kimbel et al. 2006)، و P. aethiopicus مع P. boisei (Wood and Schroer 2013) ، يشكلان أمثلة مقنعة من علاقات سلف/خلف (أي أمثلة من التخلق التجدديanagenesis ). في حالة الزوج السابق، أ. أنامينسيس و أ. أفارينيسيس هما على الأرجح صنفان متتاليان زمنيًا ضمن سلالة مفردة مع توسط أحفورة Laetoli hypodigm من الصنف الأول بين أ. أنامينسيس وأحفورة hypodigm Hadar من نوع استرالوبيثكس أفارينسيس. دعمت هذه الفرضية باكتشاف الأدلة الأحفورية من Woranso-Mille في إثيوبيا والتي تعد وسيطة من الناحية الزمنية والناحية المورفولوجية بين أ. أنامينسيس و أ. أفارينيسيس (هيلا سيلاسي وزملاؤه 2010).
لكن لم يعد ممكنًا استعمال هذا المثال الخاص بـ “تسلسل سلف-خلف” لأن جمجمة أ. أنامينسيس المكتشفة العام الماضي عمرها 3.8 مليون سنة، أي ظهرت بعد100000 عام من ظهور أحافير أ. أفارينيسيس. فلم يعد ممكنًا افتراض الانتقال التدريجي بينهما.
لماذا يهمنا هذا؟
حسنًا، كما نعلم جميعًا، يفضل علماء الأحياء التطورية إثبات التطور التدريجي المباشر وليس التوازن المنقط لأن الأخير يقتضي التطور السريع دون تحولات في الأحفورات، بينما يعني التطور التدريجي أن الأشياء تتطور ببطء، كما توقع داروين تمامًا. روجت الورقة البحثية التي نشرها وايت وزملاؤه (2006) لتطور أ. أنامينسيس إلى أ. أفارينيسيس كمثال رائع محتمل لشكل من أشكال “التدرج” أو “التخلق التجددي” يرجح على “التوازن المتقطع”:
شك جولد في أن “التدرج المتقطع punctuated gradualism ” كان نادرًا. واعتقد في المقابل أن التوازن المتقطع (مع الانتواع من خلال “تكوين فرع سلالي جديد cladogenesis”) كان أكثر شيوعًا، لكن إثبات التوازن المتقطع يتطلب التحقق من التزامن واستمرارية لكلا النوعين السلفي ونسله. كما لاحظ جولد أنه “يمكننا التمييز بين تقطع التخلق التجددي “التطور السريع” من تقطع الانتواع المتفرع بتطبيق المعيار القوي لقابلية الاختبار على بقاء الأسلاف بعد نشوء نوع منحدر منها. إذا بقي السلف، فقد نشأت الأنواع الجديدة عن طريق التفرع. إذا لم يبق السلف، فعلينا أن نعتبر الحالة إما على أنها حالة غير محسومة، أو أنها دليل جيد على التطور السريع – وعلى أي حال، هي ليست دليلًا على التوازن المتقطع.” (ص 795) نادرًا ما تم استيفاء هذه المتطلبات في أحفورات أشباه البشر.
بالنسبة لأصل أسترالوبيثكس، فإن التطور السلالي مع موجة مفاجئة من تغير الاتجاه السريع خلال فترة 200000 سنة بين 4.4 و 4.2 مليون سنة ماضية لا تزال معقولة نظرًا إلى العلاقات الجغرافية والزمنية والمورفولوجية بين نوع Ar. ramidus ونوع استرالوبتيكس أنامينسيس وفهمنا لتشريح وتطور أسنان الرئيسيات. واعتمادًا على الأدلة المتاحة قد يتبين أن أصل أسترالوبيثكس هو حالة من “التدرج المتقطع” أو “تخلق تجددي متقطع” وليس بهيئة التطور العمودي rectangular evolution، ستانلي.
وهكذا يعترفون بأن متطلبات التطور التدريجي “نادرًا ما تحققت في أحافير أشباه البشر” لكن ورقة وايت وزملاؤه عام 2006 تنبأت بأن هذه هي حالة من التدرج. وسجلوا أنه من السهل اختبارها: “إذا بقي السلف، فإن النوع الجديد قد نشأ عن طريق التفرع” – أي عن طريق التوازن المتقطع.
حسنًا، يُظهر اكتشاف الجمجمة هذا لعام 2019 أن السلف المفترض قد بقي، لأن أ. أنامينسيس كما يبدو بقيت موجودة بتاريخ 3.8 مليون سنة، أي بعد 100000 عام من الوجود الفعلي لسليلها المفترض أ. أفارينيسيس. كما تنص ورقة ” نيتشر” لعام 2019 [10] عن الاكتشاف:
نوضح كذلك أن أ. أنامينسيس و أ. أفارينيسيس يختلفان بأكثر مما عرف سابقًا وأن هذين النوعين يتداخلان لمدة 100000 عام على الأقل – مما يناقض الفرضية المقبولة على نطاق واسع للتخلق التجددي… والأهم من ذلك، تبين الجمجمة المكتشفة MRD أنه على الرغم من فرضية التطور التدرجي المقبولة على نطاق واسع، فإن أ. أفارينيسيس لم تظهر كنتيجة لتحول سلالي فيلوجيني كما تُظهر أن نوعين على الأقل من أشباه البشر قد تواجدا معًا في شرق إفريقيا منذ حوالي 3.8 مليون سنة، مما دعم أكثر فكرة تنوع أشباه البشر في منتصف العصر البليوسيني”.
على الرغم من أنهم ما زالوا يعتقدون أن هناك علاقة سلالية محتملة بين أنامينسيس و أفارينيسيس، يجب علينا الآن شطب هذا المثال من قائمة “التدرج السلالي” أو ما أسماه وود وجرابوفسكي “أمثلة واضحة لعلاقات سلف/خلف (أي، أمثلة على التخلق التجددي)”. أو كما ذكرت مجلة ساينس دايلي [11]:
يتحدى هذا التداخل الزمني الفكرة المقبولة على نطاق واسع عن الانتقال الخطي بين هذين السلفين البشريين الأوائل… كنا نعتقد أن أ. أنامينسيس تحول تدريجياً إلى أ. أفارينيسيس مع مرور الوقت. ما زلنا نعتقد أن هذين النوعين كان لهما علاقة سلف-خلف، لكن هذا الاكتشاف الجديد يشير إلى أن النوعين كانا يعيشان معًا في منطقة عفار لبعض الوقت. [تم إضافة التأكيدات].
مثال ثالث
بالإضافة إلى أ. أنامينسيس، وأ. أفارينيسيس، وهومو ناليدي، وجد بالصدفة مثال ثالث من العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، شكلت أعمار أحافير أشباه الإنسان مشاكل للنموذج التطوري القياسي. وقد ذكرنا في مقال نشرناه [12] أيضًا في العام الماضي أن دراسة عن أسترالوبيثكس سيديبا sediba وسجل أحافير أشباه البشر المنشورة في مجلة Science Advances خلصت إلى أن هناك فرصة أقل من 0.1٪ في أن يكون أسترالوبيثكس سيديبا أحد أسلاف البشر. لأنه يلي ظهور أحفاده المحتملين في جنس الإنسان بحوالي 100000 عام. ولسبب ما لم يدرج معهد سميثسونيان هذه الدراسة في قائمة أهم الاكتشافات هذا العقد.
هناك ثلاثة اكتشافات كبيرة إضافية جرت في العقد سردها معهد سميثسونيان. تتعلق بتنقيحات طفيفة لأعمار لا تؤثر بشكل كبير على الدليل العام للتطور البشري:
(1) أن جنسنا الإنسان العاقلHomo sapiens ، يعود الآن إلى 300000 عام،
(2) أن الأدوات الحجرية تعود الآن إلى 3.3 مليون قبل عام، و
(3) يُعتقد الآن أن البشر المعاصرين قد غادروا “إفريقيا” في وقت سابق، بسبب عظم الفك في فلسطين الذي يرجع تاريخه إلى 174000-185000 عام.
نقول مرة أخرى أن الاكتشاف الأول هو مجرد تعديل طفيف للتواريخ المعتمدة سابقًا، وقد يكون العصر الثاني صحيحًا جدًا على الرغم من صعوبة تحديد الأعمار الدقيقة للأدوات. أما بالنسبة للاكتشاف الثالث، تضعه مجلة سميثسونيان على النحو التالي:
أعلن الباحثون في عام 2018 عن اكتشاف فك علوي في فلسطين يشبه الفك في نوعنا، أي الإنسان العاقل Homo sapiens قدر عمر الفك 174000-185000 سنة. يشير هذا الاكتشاف – مع اكتشافات أخرى من الصين واليونان – إلى أن الإنسان العاقل تنقل لفترة قصيرة في أوراسيا قبل الهجرة العالمية التي بدأت منذ 70 ألف عام.
وتعليقا على عام 2018 الذي كان ” سنة مروعة”لأنثروبولوجيا الأحافير القديمة، كتب غونتر بيكلي [13]:
يصف مؤلفو هذه الدراسة الجديدة إعادة تأريخ فك بشري حديث اكتشف عام 2001 في كهف ميسلية في جبل الكرمل في فلسطين. بعد إعادة تقييم دقيقة للغاية، باستخدام أساليب مختلفة عالية التقنية، أكد فريق كبير من الباحثين أنه يعود إلى الإنسان الحديث العاقل. ولكن مع ذلك وصلوا إلى تاريخ جديد مؤكد ومفاجئ لهذه العينة يضعها بين 177000 و 194000 سنة قبل الوقت الحاضر، مما يجعلها أقدم دليل على وجود الإنسان الحديث خارج إفريقيا. تكمن المشكلة في أن السرد القياسي يؤكد أن الإنسان الحديث نشأ منذ حوالي 200000 عام في شمال شرق إفريقيا، وبعد ذلك بوقت طويل (حوالي 60.000 إلى 70.000 عام) غادر إفريقيا للانتشار في جميع أنحاء العالم (Callaway 2018b). الاكتشافات المفردة للإنسان الحديث في بلاد الشام قبل هذا الوقت، مثل بقايا عمرها 80000-120000 عام من كهف سخول وقفزة في فلسطين، اعتُبرت محاولات مبكرة فاشلة لمغادرة إفريقيا ولم تترك نسلًا في وقت لاحق. تظهر النتائج الجديدة وغيرها من الاكتشافات الحديثة أن مثل هذه الفرضيات لتبرير الواقع وتفسير تضارب الأدلة لم تعد ممكنة. لهذا السبب يقول البروفيسور هيرشكوفيتس، “لقد غير هذا الاكتشاف المفهوم الكامل للتطور البشري الحديث … الرواية الكاملة لتطور الإنسان العاقل يجب ارجاعها للوراء بما لا يقل عن 100،000-200،000 سنة “. يعلق مؤلف المقال، “مع عظم فك كهف ميسليا، يعاد كتابة تاريخ التطور البشري” (Borschel-Dan 2018) [التأكيد مضاف]
أين سمعنا ذلك من قبل؟ يشير Dienekes Pontikos (2018)، الذي يدير إحدى أكثر مدونات علم الإنسان القديم شيوعًا، إلى النتائج الجديدة بعنوان “خارج إفريقيا: نظرية في أزمة”، ويلاحظ أنه “يجب أن تدفع لإعادة التفكير التقليدي لخروج الإنسان من أفريقيا”. اسمع، اسمع!
زوجان أوليان؟
لسوء الحظ لم تتضمن قائمة مجلة سميثسونيان لأهم الاكتشافات في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين التعرف على قصة أهم بكثير أجابت على سؤال يهم شريحة واسعة من السكان: هل نشأ البشر من زوجين أوليين؟ طوّر العلماء المؤهلون بين عامي 2016 و2019 لأول مرة نموذجًا لاختبار صارم لوجهة النظر التطورية المفترضة منذ فترة طويلة بأن الإنسان الحديث ينحدر في الأصل من عدد كبير من السكان يتكون من آلاف الأفراد. أسفرت هذه الدراسة عن ثلاثة منشورات وجدت في الختام أنه ربما لم ينشأ الإنسان الحديث من عدد كبير من السكان، بل نشاء من زوج أولي عاش مؤخرًا منذ 500000 عام (أو ربما حتى وقت أقرب، إذا طرحت افتراضات أقل).
وفقًا للورقة النهائية لهذه الدراسة [14]، التي نُشرت في عام 2019 من قبل عالمة الأحياء آنا غوغر وعالم الرياضيات Ola Hössjer في مجلة BIO-Complexity ، لأنه في أبحاث نشأة البشر “فسرت بعض الافتراضات الشائعة التي تستخدم لتسهيل العمل كما لو أنها استنتاجات نشأت عن البيانات، دون اختبار فرضية النشأة من زوجين مفردين علميًا”. يحاول نموذجهم اختبار سؤال إن أمكن للبشرية أن تكون قد نشأت من زوج أولي، ويسعى النموذج للقيام بذلك عن طريق تقليل الافتراضات:
يختلف نموذج SOC [النشأة من زوجين مفردين] الذي ندرسه عن التفسير السائد لأصل الإنسان في افتراضين فقط: (1) أننا تطورنا باستمرار من غير البشر في عدد كبير من السكان.
(2) أن التنوع الجيني يرجع دائمًا إلى طفرات الخلايا الجنسية germline.
بدلاً من أن نفرض على النماذج افتراض أن التنوع الجيني ينشأ فقط من طفرات الخلايا الجنسية، وأن أحجام المجموعات السكانية يجب أن تكون دائمًا كبيرة جدًا، تسمح ورقتهم “بالابتداء” بزوج من البشر الأوليين مع “تنوع بدائي”.
هذه الدراسة هي مثال رائع لكيفية السماح باختبار نموذج من خلال التنفيذ العادل لشروط حدوده. إنه يوضح بالضبط لماذا من الخطأ استخدام التفكير الدائري لنفترض أولاً بأن شروط الحدود التطورية غير الموجهة هي الخيارات الوحيدة، ومن ثم الاستنتاج بأن النماذج الأخرى خاطئة بالتأكيد. بعد تطبيق شروط الحدود التي وضعها الباحثون وتطبيق رياضيات علم الوراثة السكانية، استنتج المؤلفون أن “حاصل ما نعرفه علميًا من البيانات الجينية، قد يكون الجنس البشري قد جاء من زوجين مفردين، بحيث يمكن لجميع البشر على قيد الحياة اليوم أن ينحدروا بشكل فريد من هذا الزوج الأول. ووجدوا أن هذين الزوجين الأولين ربما عاشا قبل 500000 عام. لمزيد من التفاصيل حول هذا البحث، راجع موقع Uniqueoriginresearch.org .
بالطبع تلتزم مؤسسة سميثسونيان تمامًا بنظرة تطورية غير موجهة فعلًا للأصول البشرية، كما أوضحت قاعة الأصول البشرية في واشنطن العاصمة، ومعرض أصولهم البشرية المتنقل في السنوات الأخيرة. فليس من المفاجئ تجاهلهم للدراسات التي تحدت الفكر التطوري السائد، وتتسق بشكل إيجابي مع الاكتشافات في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين التي أضعفت فعلًا الدليل على التطور البشري. إذا كان هناك أي شيء، فإن هذه الاكتشافات تظهر أن العقد الأول من القرن الحادي والعشرين لم يكن بنهاية المطاف عقدًا رائعًا للأدلة القديمة الأنثروبولوجية لتطور الإنسان.
ربما سنجري هذه الحوار مرة أخرى بعد عشر سنوات – وقد تمنحنا جميعًا وقتها مؤسسة سميثسونيان تحليلاً أكثر موضوعية للأدلة. فمن يدري ما سيأتي به العقد القادم؟
ملاحظات:
1ـ مقال مجلة معهد سميثسونيان ” أكبر اكتشافات هذا العقد في تطور الإنسان”:
https://www.smithsonianmag.com/blogs/national-museum-of-natural-history/2020/04/28/these-decades-biggest-discoveries-human-evolution/
2- خبر الهومو ناليدي كما ورد في محطة CNN:
https://www.cnn.com/2015/09/10/africa/homo-naledi-human-relative-species/
3- مقال “خيبة أمل إذ يبدو أن هومو ناليدي أصغر سنًا مما كان يعتقد مسبقًا”
Disappointment! Homo naledi Is Younger than Previously Thought
4- مراجعة عن الهومو ناليدي تبدي كيف طبق علماء الأحافير القديمة مبادئ التصميم الذكي:
Studying Homo naledi Fossils, Paleoanthropologists Apply ID Principles
5- مقال غنتر بيكلي:
Apeman Waves Goodbye to Darwinian Gradualism
6- مقال تيم وايت وزملائه في مجلة نيتشر:
https://www.nature.com/articles/nature04629
7- خبر اكتشاف الأحفورة في وكالة الأسوشيتد بريس، بعنوان اكتشاف أحفورة تسد ثغرة في التطور البشري:
http://www.nbcnews.com/id/12286206/ns/technology_and_science-science/t/fossil-discovery-fills-gap-human-evolution/%22%20%5Cl%20%22.XqogwS_MxTZ
8 – مراجعة بيرنارد وود ومارك جرابوسكي:
https://link.springer.com/chapter/10.1007/978-3-319-15045-1_11
9- كتاب (التطور الكبير: التفسير والتعليل والدليل):
https://www.google.com/books/edition/Macroevolution/9YutBgAAQBAJ
10- مقال نيتشر الذي ذكر اكتشاف الجمجمة:
https://www.nature.com/articles/s41586-019-1513-8
The cranial morphology of the earliest known hominins in the genus Australopithecus remains unclear. The oldest species in this genus (Australopithecus anamensis, specimens of which have been dated to 4.2–3.9 million years ago) is known primarily from jaws and teeth, whereas younger species (dated to 3.5–2.0 million years ago) are typically represented by multiple skulls. Here we describe a nearly complete hominin cranium from Woranso-Mille (Ethiopia) that we date to 3.8 million years ago. We assign this cranium to A. anamensis on the basis of the taxonomically and phylogenetically informative morphology of the canine, maxilla and temporal bone. This specimen thus provides the first glimpse of the entire craniofacial morphology of the earliest known members of the genus Australopithecus. We further demonstrate that A. anamensis and Australopithecus afarensis differ more than previously recognized and that these two species overlapped for at least 100,000 years—contradicting the widely accepted hypothesis of anagenesis.
11- مقال ساينس ديلي:
https://www.sciencedaily.com/releases/2019/08/190828140118.htm
12- مقال موقع أخبار التطور عن تفحص تواريخ أسلاف البشر:
Another Human Ancestor “Falsified”: Study Puts Australopithecus sediba Back in the Ground
13- مقال غنتر بيكلي عن عام 2018:
#3 of Our Top Stories of 2018: For Paleoanthropology, Another Annus Horribilis
14- ورقة آن جيجر في مجلة التعقيد الحيوي BIO-complexity:
https://bio-complexity.org/ojs/index.php/main/article/view/BIO-C.2019.1