تعزيز اليقين وهداية الحيران

الاعتراض الثاني على برهان الحدوث (دليل الخلق والإيجاد)

الاعتراضات على المقدمة التي اعتمد عليها دليل الحدوث وهي مقدمة (الكون له بداية).

أهم الاعتراضات التي قدمت لهذه الحقيقة: هو محاولة تقديم نماذج بديلة لنموذج الانفجار الكوني العظيم في صورته التقليدية، بحيث يتم المحافظة على فكرة الأزلية المطلقة لهذا الكون كنموذج الكون الثابت المستقر، أو نماذج تطويرية لنموذج الانفجار الكبير تعترف ببداية لهذا الكون، لكن لا تجعلها بداية مطلقة وإنما بداية نسبية فقط.

ويبدو أن المحرك الأيديولوجي محرك فاعل في رفض إيحاءات نظرية الانفجار الكبير، ومحاولة إيجاد نماذج علمية بديلة؛ فهذا أحد الفيزيائيين (The science delusion 65) يبدي امتعاضه الشديد من هذه النظرية وكأنها جزء من مؤامرة دينية، قائلا : (الدافع الكامن بالطبع هو تقديم الله ،كخالق ويبدو أنها الفرصة التي كان ينتظرها علم اللاهوت النصراني، منذ بدأ العلم في إزالة الدين من عقول الرجال العقلاء في القرن السابع عشر الميلادي)

وقد كانت فكرة الانفجار الكبير تزعج أينشتاين؛ لأن لازمها أن للكون بداية، ويقول : إن مسألة كون يتمدد هذه تقلقني). يعلق روبرت جاسترو: (إنها تقلق أينشتاين لما لها من لوازم لاهوتية). وينقل عن إدنجتون قوله : (إن فكرة بداية الكون مما أشمئز منه ((٢) . ويقول : (بالنسبة للعلماء الذين عاشوا مثله معتمدين على قوة المنطق، فإن القصة تنتهي وكأنها كابوس. فقد قطع جبالا من الجهل، وبينما هو يكاد أن يقهر أعلاها، متجاوزا الصخرة الأخيرة إذا هو بمجموعة من اللاهوتيين يرحبون به، وإذا هم جلوس هناك منذ قرون).

ومن الأمثلة الشهيرة التي تكشف عن تأثير التحيزات المسبقة : عالم الفلك الشهير فريد هويل والذي أطلق مصطلح (الانفجار الكبير) (the Big Bang) على هذه النظرية وذلك في أحد حواراته في إذاعة بي بي سي على سبيل السخرية من النظرية، فاشتهر هذا الاسم في التعبير عنها.

الطريف أن مجلة (Sky and telescope) طرحت سنة ١٩٩٣م مسابقة لاختيار اسم أكثر مناسبة في التعبير عن نظرية الانفجار الكبير، وقام القراء من ٤١ دولة من دول العالم بتقديم مقترحاتهم والتي بلغت ١٣ ألف اسم، كان من بينها فقاعة هابل (السلحفاة ،السفلية (البذرة الخارقة) (نقطة بلانك)، (لن تتمكن من إعادتها جميعًا لداخلها مرة أخرى).

وكانت لجنة التحكيم مؤلفة من: كارل ساجان وهف دانز، وتيموثي فرس، وفي النهاية تم الإعلان عن الفائز ليكون – ويا للمفاجأة ـ فريد هويل، والذي يبدو أن الاسم الذي أطلقه ساخرًا كان هو الأنسب فعلا !

المقصود أن هويل كان شديد الحماسة في نقد هذه النظرية، وكان يعدها من قبيل العلم المزيف، وقام بالمشاركة مع توماس جولد وهيرمن بوندي بتقديم فرضية بديلة تعترف بظاهرة التباعد الواقع بين المجرات دون الاعتراف ببداية مطلقة للكون سميت بـ(نظرية الحالة المستقرة (Steady state theory) ، وظل وفيا لنظريته هذه من لحظة ما أطلقها سنة ١٩٤٨م وحتى لحظة وفاته سنة ۲۰۰۱م. وقد علق الفيزيائي الشهير الحائز على جائزة نوبل ستيفن واينبرج على هذه النظرية بقوله : (إن هذه النظرية – فلسفيا – هي الأكثر جاذبية؛ لأنها الأقل شبها بما جاء في سفر التكوين) كما نقله عنه جاسترو .

ومن يتأمل طريقة هويل، وسعيه للتدليل لنظريته؛ يلحظ أنه لا يقوم بدور التدليل الحقيقي لها وإنما محاولة صرف أدلة الانفجار الكبير عن دلالتها، وتقديم تفسيرات أخرى لتلك الظواهر. وكأن نظريته لم تقدم من وحي قراءة الكون وملاحظة ما يجري فيه بقدر ما هي نظرية مناكفة فقط.

بل استمع إليه وهو يقول معبرًا عن امتعاضه الشديد من نظرية الانفجار من الكبير؛ لإيحاءاتها الفلسفية والدينية: (لكثير من الناس يبدو هذا النمط التفكير مُرض بشكل كبير؛ لأنه يبدو أن شيئًا ما خارج الفيزياء يمكن تقديمه عند لحظة الصفر يقصد لحظة ما قبل وقوع الانفجار الكبير]. وبلعبة اصطلاحية يتم استبدال “شيء ما” بإله (god). لكن الحرف الأول منه يتم تحويله إلى الحرف الكبير الله (God) ليحذرنا بضرورة عدم الاسترسال مع مثل هذه التقريرات بشكل أكبر).

ويبدو فعلا أن نظريته هذه لم يُكتب لها قبول واسع في المجتمع العلمي، خصوصًا مع تزايد المكتشفات المؤيدة لنظرية الانفجار الكبير، ومن أهمها إشعاع الخلفية الكونية، والتي قال عنها ستيفن هوكنج: (إنها المسمار الأخير في نعش نظرية الكون الثابت المستقر ).

إضافة إلى عجز النظرية عن تقديم تنبؤات علمية، أو تفسيرات مقبولة لعدد من الظواهر الموجودة في الكون؛ كوفرة الهيليوم مثلا، والذي يبدو متوافقا إلى حد بعيد مع نظرية الانفجار الكبير.

وأيضًا فقد كانت النسخة الأولية من هذه النظرية تتنبأ بأن مجرات جديدة ستظهر في الفجوات بين المجرات ومن ثَم فالمجرات الحديثة ستكون مبعثرة في أرجاء الكون. فيما تقول نظرية الانفجار الكبير بأن تلك المجرات الشابة إنما تشكلت في مرحلة ماضية من تاريخ الكون، ومن ثم فليست موجودة إلا قبل بلايين السنين من وفي أوائل الستينات الميلادية جمع مارتن رايل من الدلائل ما يعضد موقف الانفجار الكبير، وكتب على إثر ذلك أحد مؤيدي نظرية الانفجار الكبير – وهو جورج جامو – قصيدة ساخرة يقول فيها :

سنوات كدحك ‘Your years of toil’

قال رايل لهويل Said Ryle to Hoyle

سنوات ضائعة صدقني ‘Are wasted years, believe me,

الحالة المستقرة The steady state

منتهية الصلاحية Is out of date

إلا إن كانت عيناي تخدعاني Unless my eyes deceive me

ويبدو أن الأغلبية الساحقة من علماء الكونيات اليوم يؤمنون بالانفجار الكبير، وأن الكون الذي نحن فيه له لحظة ما وُلد فيها، وأن نظرية الكون الثابت المستقرة باتت مهجورة تماما.

هذا ما يتعلق بالنموذج الذي يسعى لإلغاء فكرة البداية من معادلة الكون رأسًا. أما النماذج التي تسعى لاستبقاء فكرة أزلية الكون مع الاعتراف بلحظة الانفجار الكبير، وأن ثمة بداية ما لكوننا، لكنها لا تمثل بداية مطلقة للوجود = فمن أمثلتها:

نموذج الكون المتذبذب (oscillating universe model):

ينطلق هذا النموذج من فكرة أن الكون مع تمدده يبلغ ذروة ما ليبدأ في الانكماش والانكماش حتى يعود إلى حالة المفردة التي تمدد منها ليعاود تمدده وتمدده ثانيًا، ليبلغ التمدد مداه وليعاود الانكماش وهكذا .. فالكون في حقيقته أزلي لا بداية مطلقة، له لكنه في حالة تذبذب، يراوح المسير بين التمدد والانكماش.

وقد تعرض هذا النموذج – هو الآخر – لمشكلات متعددة؛ فبالإضافة على سيطرة عقلية استبقاء أزلية الكون بعيدًا عن ملاحقة الأدلة، والقول بموجوبها، والذي تشم رائحته من قول جون جريبن (John Gribbin) مثلا : (أكبر مشكلة مع نظرية الانفجار الكبير لأصل الكون هو إشكال فلسفي، بل قد يكون لاهوتيا ما الذي كان قبل لحظة الانفجار ؟ هذه الإشكالية لوحدها كانت كافية لإعطاء نظرية الكون الثابت المستقر دفعة حماس أولية، لكن مع التعارضات المؤسفة بين هذه النظرية وطبيعة الملاحظات المرصودة، فإن أفضل طريقة للالتفاف على هذه الإشكالية هو بنموذج يكون الكون فيه متمددًا من مفردة لينهار على نفسه مرة أخرى، وليعاود دورته بشكل لا نهائي).

فقد اعترض على نموذج الكون المتذبذب بجملة من الاعتراضات، منها:

أن فكرة الانكماش محل جدل عريض في المجتمع العلمي، وقد كتب ألن غوث ومارك شير ورقة علمية بعنوان (استحالة وجود كون متذبذب) (The impossibility of a bouncing universe)، وذكرا أنه حتى بتقدير معاودة الكون للانكماش، فسيعجز عن معاودة الانفجار مرة أخرى.

ويرى كثير من علماء الكونيات أن الكون سيستمر عمليا في التمدد بشكل لا نهائي، وأن كتلة الكون لا تكفي لإحداث حالة الانكماش ؛ إذ إنه يشترط لحصول حالة الانكماش أن تكون ثمة قوة جاذبية، قادرة على التغلب على التمدد الواقع في الكون؛ فقد كان العلماء يتوقعون أن تمدد الكون في حالة تباطؤ نتيجة قوة الجاذبية، لكنهم اكتشفوا – من خلال فريقين من الفلكيين حصلوا بالشراكة على جائزة نوبل لهذا الاكتشاف – أن الأمر على العكس تماما، فالكون يتمدد بشكل أكثر تسارعا ؛ وذلك يعود لطاقة مضادة للجاذبية تم تسميتها بالطاقة المظلمة)، لها قوة طاردة على عكس ما نعرفه من قوة الجاذبية، وأنها تدفع الكون قدمًا للتمدد ويمثل مقدار هذه القوة الطاردة الثابت الكوني (Cosmological constant) والذي حير العلماء قيمته المضبوطة إلى حد كبير جدا ؛ حيث إن أي تغيير في قيمته، ولو في جزء من جزءًا = سيكون له نتائج كارثية على الكون؛ فلو أنه كان أكبر من قيمته بشيء ضئيل جدا (يعني زدنا الرقم الموجود في الخانة ١٢٠ بعد الفاصلة) = فإن الكون سيتمدد بشكل أكثر تسارعا بما يمنع من تكون النجوم والمجرات، ولو كان أقل فسينكمش الكون على نفسه بشكل سريع بعد الانفجار.

وهذا يفرض سؤالا هائلا: مَن الذي ضبط هذا الثابت الفيزيائي على هذا النحو الدقيق جدا ، من أجل أن يوجد الكون وتوجد الحياة؟ هذه قضية نرجئ الكلام فيها تفصيلا عند بحث الدلالة العقلية الثانية إن شاء الله، وإنما المقصود هنا الإشارة إلى هذه القوة الطاردة التي يرى كثير من علماء الفيزياء والكونيات أنها تشير إلى أن الكون سيستمر في التمدد إلى ما لا نهاية.

يقول الفيزيائي الملحد فكتور ستينجر (Victor Senger مثلا : غالب علماء الكونيات اليوم لا يتوقعون أن الكون سينكمش أفضل تخمين بناء على المشاهدات الموجودة والنظريات القائمة أن الكون مفتوح، وأنه سيستمر في التمدد إلى ما لا نهاية)

وحتى بعض من يرى أن الكون سينكمش، فإنهم يرون أنه لا يوجد أية دلائل فيزيائية لإمكان معاودة الانفجار مرة أخرى وبعض من يرى إمكانية وقوع سلسلة من الانفجارات الكبيرة، يقررون أن العملية ستكون محددة بعدد معين من الانفجارات لا أنها مستمرة في طرفي الزمن أزلا وأبدًا.

ويوجد بعض الفيزيائيين يرى إمكانية استمرار سلسلة الانفجارات إلى ما لا نهاية، لكنهم يرون أن هذه السلسلة تنتهي من طرف الماضي إلى بداية مطلقة:

فبعضهم يعلل ذلك بأن الكون وإن كان يمر بسلسلة من الانفجارات، فإنه يستهلك في كل مرة شيئًا من طاقته الميكانيكية، بحيث إن الكون بعد كل انفجار يتضاءل ويتضاءل؛ وذلك لعدم وجود مخزون من الطاقة الميكانيكية يسمح له بالتمدد لذات المستوى الذي كان عليه في دورته السابقة. إن الأمر أشبه بالكرة حين تلقيها على الأرض فإنها تسقط وتصطدم على الأرض لترتفع لمستوى معين ثم تعاود سقوطها لترتفع قليلا، وهكذا حتى تستقر على الأرض وهي نظرة شرحها الفلكي هف روس (Hugh Ross) في كتابه (الخالق والكون) the Creator and the Cosmos)).

ووجدت بعض الفيزيائيين ممن يتبنى إمكانية تذبذب الكون على عكس التصور السابق، يقررون أن الكون لا يتضاءل وفق النموذج السابق، بل يتضخم في كل مرة ينفجر فيها؛ وذلك عائد إلى ازدياد قيمة الإنتروبي؛ حيث إنه مع كل انفجار وتمدد تزداد حال اللافوضوية، وتكون حمولة يتحملها الكون في انفجاره المقبل؛ ليجعل من تمدده في الانفجار التالي أكبر من سابقه.

وهذا يعني أننا نستطيع العودة إلى الوراء في سلسلة تلك الانفجارات الكبيرة، فنجد أن كل انفجار كوني يشكل كونا أكبر من سابقه، وهكذا حتى ينتهي الأمر إلى بداية مطلقة للكون وهذه هي الرؤية التي قدمها الفيزيائي ريتشارد تولمان (Richard Tolman).

وحتى أولئك القلة الذين يرون إمكانية وجود نموذج كوني تقع له دورات تذبذب لا نهائي يرون أنه لا بد من ضبط مقادير الطاقة والمادة بشكل دقيق جدًّا، وهو ما لا يتوافق مع التصور الإلحادي، كما سيأتي بيانه في الدليل العقلي التالي. وإذا كان هذا الضبط واقعا بإرادة خارجية؛ فهذا النموذج مستحيل؛ لتضمنه تناقضا داخليا حيث يطمع في إيجاد نموذج أزلي، وفي ذات الوقت يجب أن يكون له بداية حتى يتم ضبطه على النحو المطلوب. أما لو قدر أنه مضبوط من غير إرادة خارجية = فسيلزم أن يكون ذلك صدفة، وهو ما سيتم مناقشته أيضًا في الفصل القادم.

التضخم الأزلي (Eternal Inflation):

وهو نموذج تطويري لنموذج الانفجار الكبير يعترف بأن الكون الذي نحن فيه له بداية، لكن ذلك لا يعني أن تلك هي بداية المادة والطاقة بإطلاق، بل هما أزليان.

وللتوضيح، تقول هذه الفرضية: إن أجزاء مختلفة من الكون تتمدد وتنكمش بمعدلات مختلفة ويمكن اعتبار هذه الأجزاء أكوانا مختلفة تُشكل ما يعرف بالأكوان المتعددة ولئن كان الكون الذي نحن فيه يبدو أن له بداية؛ فذلك لا يعني أن جميع الأكوان كذلك.

ويبدو أن هذا النموذج واجه مشكلات متعددة تم الاعتراف بها، ولذا جاء عالم الكونيات الروسي أندري لند (Andrei (Linde) ليسعي في حل مشكلة هذا النموذج بتقديم نموذج وليد عنه وهو ما يُعرف بـ (التضخم الجديد) (New inflation)، لكنه لحظ بنفسه عيوب هذا النموذج، ليقدم نموذجه الأشهر التضخم العشوائي) (chaotic inflation وفكرتها باختصار : أن ثمة كونًا يشكل الكون الأم، وعنه تنشأ أكوان جديدة والتي تتفرع عنها أكوان أخرى كالفقاعات لتستمر العملية إلى ما لا نهاية وتلك الأكوان المتفرعة عن الكون الأم وإن كان لها بداية لكن الأم لا بداية لها.

يقول لند معبرا عن مشكلته مع فكرة البداية المطلقة للكون: (المعضلة الكبرى للمشكلة هنا ليس في وجود المفردة بحد ذاتها ولكن في السؤال ما الذي كان قبل وجودها؟… هذه الإشكالية تكمن في المنطقة الفاصلة بين الفيزياء والميتافيزيقا).

ونتيجة لهذا الاستشكال ولعدم الرغبة في الاعتراف بوجود أمر متجاوز للفيزياء، قام لند بافتراض أن النموذج الذي قدمه يسعى لإلغاء المحدودية الزمنية في الطرفين، فعمليات التفرع ستظل قائمة مستقبلا إلى ما لا نهاية، وأن هذه الأكوان تتفرع عن كون أزلي يمثل الكون الأم، ومن ثَمّ يمكن الهروب من فكرة المفردة وما تحمله من سؤالات القبلية، أو بعبارة أدق أراح نفسه من التفتيش في سبب حدوث الكون بجعل الكون على نحو ما أزليّا.

وإذا حللنا هذا النموذج، بل والنماذج السابقة = فسنلحظ أنها جميعا لم تقم على حجج علمية، بل قصارى الأمر أنها مجرد فرضيات، بل هي في الحقيقة تخمينات تعبر عن سعي محموم لتجاوز مأزق البداية المطلقة، ولذا فكثير من الفيزيائيين يرون عدم إمكانية البرهنة على صحة هذه النماذج، أو حتى اختبارها.

وفي سنة ١٩٩٤م قام كل من أرفند بورد (Arvind Borde) وألكسندر فلينكن (Alexander Vilenkin) بنشر ورقة توضح بأن كافة نماذج التضخم المستقبلية لا يمكن أن تكون إلا ناشئة من مفردة أولى، وأنه لا بد من وجود بداية مطلقة. وقد تم تطوير هذه الورقة، وإعادة نشر نتائجها بالمشاركة مع ألن غوث (Alan Guth) سنة ۲۰۰۱م، ثم طورت أيضًا ونشرت سنة ٢٠٠٣م.

الورقة عنوانها: (Inflationary spacetimes are not past-complete) وتوضح هذه الورقة القصيرة [٤ صفحات فقط] بحساباتها الرياضية أنه في أي كون يتمدد فإن سرعة الأشياء النسبية تظل في تزايد كلما رجعنا إلى الخلف زمانيا، ولكن هذا التسارع لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية؛ لأنه ـ ووفقًا للفيزياء الحديثة – لا شيء يمكنه تجاوز سرعة الضوء (۲۹۹,۷۹۲) كلم في الثانية تقريبا)، ومن ثَمّ فلا بد من وجود حائط ما يتوقف عنده هذا التزايد في السرعة النسبية، وهو ما يمثل البداية المطلقة.

وقد أكد (ألكسندر) نتائج هذه الدراسات في اجتماع عقد في جامعة كامبرج سنة ۲۰۱۲م؛ احتفالا بعيد ميلاد ستيفن هوكنج السبعين. وألكسندر هو القائل في عبارة تم نقلها سابقا: كل الأدلة التي لدينا تشير إلى أن الكون له بداية، بل يقول في كتابه: (عوالم كثيرة في واحدة) (Many Worlds in One): (يقال : إن الحجة (argument) هي ما يلزم العقلاء، وإن البرهان هو ما يلزم لإقناع حتى غير العقلاء. والآن بعد استقرار أمر البرهان، لم يعد في مقدور علماء الكونيات الاختباء وراء احتمال وجود كون أزلي. لا مهرب لهم، ويجب عليهم مواجهة مشكلة وجود بداية كونية).

وستأتي بعض المناقشات الإضافية في الدلالة العقلية الثانية – إن شاء الله وذلك في بحث ما يتعلق بفكرة الأكوان المتعددة؛ حيث يشكل هذا أحد نماذج هذه الفرضية.